أضحت قضية اندماج المهاجرين المسلمين والعرب في المجتمعات الغربية، إحدى الملفات الشائكة التي تغذي حركات اليمين المتطرف، لكن فهم هذا ...
أضحت قضية اندماج المهاجرين المسلمين والعرب في المجتمعات الغربية، إحدى الملفات الشائكة التي تغذي حركات اليمين المتطرف، لكن فهم هذا "المأزق" يثير انقساما كبيرا، ففيما يعزوه البعض، إلى انطواء الجاليات على نفسها، ينحي آخرون باللوم على الحكومات الغربية، لأنها لم تستطع أن تكون حاضنة لكافة أطياف المجتمع.
وتحولت أوروبا إلى نقطة جذب للمهاجرين، بعد الحرب العالمية الثانية (1945)، لأن القارة العجوز، كانت في حاجة إلى اليد العاملة، بعدما شهدت دمارا مروعا في البنى التحتية، وفيما كان الملايين من أبنائها قد لقوا مصرعهم في المحطة التاريخية الطاحنة، ويجري الحديث في الوقت الحالي عن عدة أجيال من المهاجرين.
وعلى الرغم من هذا التراكم الزمني، أي أن عقودا قد مرت على بدء حركة الهجرة الحديثة، ما زالت المجتمعات الأوروبية والغربية، تشهد توترا بشأن "الجاليات". إذ تواجه هذه الأخيرة اتهاما بالانعزال وعدم الرغبة في الاندماج، لكنها تدافع عن نفسها، وتقول إنها تتعرض للإقصاء والتهميش، بسبب الأصول المختلفة.
لكن سؤالا يطرح في هذا الصدد بشأن المقصود من الاندماج: فهل يتطلب الأمر أن يدير المهاجر ظهره للثقافة الأم ويتنكر لها، حتى ينال رضا المجتمعات الغربية؟، لاسيما أن جماعات متطرفة أساءت إلى الإسلام بما نفذت من هجمات دامية في قلب أوروبا، وجعلت أوروبيين كثرا يضعون "البيض في سلة واحدة"، أم إن الاندماج هو أن يكون المهاجر منسجما مع القوانين المحلية، دون أن يضحي بخصوصيته، على اعتبار أن دولة المواطنة القائمة في أوروبا، تكفل اختلاف الهوية وتراعي خيار الفرد.
عدم الاندماج.. مسؤولية من؟
ويرى الكاتب والباحث المغربي، منتصر حمادة، أن مشكل الاندماج مطروح بشكل كبير في بعض البلدان الأوروبية، مثل فرنسا وإيطاليا، إذ يكاد النقاش لا يخفت بشأن قضايا الهجرة وحضور الإسلام في المجتمع.
وأضاف صاحب كتاب "نقد في خطاب 11 سبتمبر"، في اتصال مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذا المشكل في الاندماج، مسألة طبيعية، لأن هناك لقاءً بين مرجعية أوروبية ذات عقيدة وثقافة مختلفتين، مع مرجعية المهاجرين المسلمة والعربية في أغلبها.
لكن ما يغفله البعض، في الوقت الحالي، بحسب حمادة، هو أن من يوصفون بالمهاجرين، صار الكثيرون منهم مواطنين، بعدما حصلوا على الجنسية، وبالتالي، فقد أصبحوا جزءًا من المجتمع، ولم يعودوا مجرد أشخاص حلوا في البلاد لأجل العمل، بشكل مؤقت.
ولدى سؤاله عن الطرف الذي يتحمل مسؤولية هذا المأزق، يقول حمادة، إن كل طرف يتحمل جزءا مما يحصل، فالحكومات الغربية لها نصيب من المسؤولية لأنها لم تعالج أزمة التنمية وسط جاليات الضواحي، وفي الوقت نفسه، يتحمل المهاجرون نصيبا مما يقع، لأنهم لم يجتهدوا بالشكل المطلوب، أو تأثروا بخطابات متشددة روجتها بعض الحركات الإسلامية وأشاعت بها جوا من الاحتقان مع البلدان المضيفة.
ويشير حمادة إلى أن الجيل الأول من المهاجرين كان ينسجم بشكل أسهل، في أرض المهجر، لأن تدينه كان فطريا وبعيدا عن الشوائب التي دخلت على الخط في وقت لاحق، وأشاعت خطابا متطرفا، حتى أن بعض الغربيين الذين كانوا على قدر من التسامح، صاروا ينزعون صوب اليمين، لأنهم يرون ظواهر مزعجة وهجينة في المجتمعات التي يعيشون بها.
انزواء مهاجرين
ويرى الخبير في شؤون الهجرة واللاجئين، أحمد السعدون، أن مشكل الاندماج يعود في جانب منه، إلى كسل من جانب المهاجرين، لاسيما في بريطانيا، حيث تقدم الحكومة عدة حوافز للأشخاص الذين يأتون إلى البلاد، لكن كثيرين منهم، يتقاعسون في تعلم اللغة، ويحرصون على الانزواء في مناسبات وأماكن خاصة، لكن هذا لا ينفي وجود أشخاص ناجحين.
وأضاف السعدون، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن عددا مهما من المهاجرين يفتقرون إلى شهادات أكاديمية، وبعضهم لا يستطيع حتى الإجابة بلغة البلد الذي يقيم فيه، حين يقدم جواز سفره إلى الضابط في المطار، وبالتالي، لا ينبغي الاكتفاء بإلقاء اللوم على المجتمعات المضيفة.
ويشير الباحث إلى أن بعض منظمات اليمين تعادي المهاجرين في بعض الدول الأوروبية، لكن وجود القوانين ودولة المؤسسات، من الأمور التي تضمن الحماية، وفي حال حصول أي اعتداء، فإن المحاسبة تجري بشكل مباشر، أما الاندماج فيتطلب جهدا أكبر من الجاليات العربية والمسلمة.
سكاي نيوز
COMMENTS