زيادة العرض مقابل الطلب يخفض أسعار البيوت وسط مخاوف عالمية من تأثير الهبوط على النمو الاقتصادي تراجعت أسعار البيوت في بريطانيا...
زيادة العرض مقابل الطلب يخفض أسعار البيوت وسط مخاوف عالمية من تأثير الهبوط على النمو الاقتصادي
تراجعت أسعار البيوت في بريطانيا بنسبة 0.2% الشهر الأخير، حسب مؤشر أسعار البيوت لوكالة رايتموف Rightmove العقارية. وحسب أحدث بياناتها في اليومين الأخيرين فإن العقارات الأعلى قيمة كانت الأكثر تأثرا بتراجع الأسعار إذ انخفضت أسعار البيوت الجديدة بنسبة 1.1%.
وتتفق أغلب وكالات العقارات ومؤسسات الإقراض العقاري على أن نمو أسعار العقار في بريطانيا يتباطأ بوتيرة تدعو للقلق، وان لم تصل بعد إلى مستوى الخطر الذي ينذر بانهيار عقاري كما حدث في الولايات المتحدة قبل أكثر من عشر سنوات وتسبب في أزمة مالية عالمية.
وأشارت أرقام شركة الإقراض العقاري نيشنوايد Nationwide إلى أن النمو الشهري في أسعار البيوت انخفض في يونيو (حزيران) إلى نسبة 0.5% مقابل 0.6% في شهر مايو (أيار). ولتوضيح أهمية الفارق الشهري يذكر أن معدل نمو أسعار البيوت عند الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) عام 2016 كان بنسبة 5% سنويا.
بانتظار جونسون
ويخلص أغلب المحللين في أسواق العقار في بريطانيا إلى أن هذا التباطؤ في نمو السوق العقارية وانخفاض أسعار البيوت قد يستمر خلال النصف الثاني من العام. وتعود أسبابه إلى زيادة العرض مقابل الطلب، رغم العوامل الإيجابية التي تشجع الطلب من انخفاض نسبة البطالة وزيادة الأجور وانخفاض سعر الفائدة وتوفر القروض العقارية.
ويرجع بعض العاملين في القطاع سبب إحجام المشترين، وبالتالي انخفاض الطلب إلى عوامل نفسية أساسا تتعلق بعدم اليقين بانتظار شكل البريكست وتأثيره على الاقتصاد البريطاني. لكن أغلب وكالات العقار وشركات الإقراض العقاري ترى أن تباطؤ نمو السوق الذي ميز العام الماضي ربما وصل إلى نهايته وأن الأسعار آخذة في الارتفاع مجددا.
ثم هناك سبب مهم آخر يتعلق بمن سيصبح رئيس الوزراء البريطاني قبل نهاية الشهر، إذ إن المرشح الأوفر حظا بوريس جونسون وعد بخفض نسبة دمغة بيع العقار Stamp Duty وهو ما جعل الكثير ممن يخططون لشراء بيت الانتظار حتى يفي جونسون بوعده بما يوفر لهم بضع آلاف الجنيهات.
تأثير بريكست
مع تصاعد المخاوف من انهيار السوق العقارية العالمية نتيجة استمرار تضخم قيمة العقارات وعودة السياسات النقدية الى التخفيف، أي توفر الأموال الرخيصة وسهولة الاقتراض وقلة تكلفته، يخشى أن يكون قطاع العقار البريطاني ضمن الأكثر عرضة للهبوط.
لكن الواقع أن بريكست كان له أثر إيجابي في تخفيف غليان فقاعة عقار في بريطانيا، حيث أدى عدم اليقين والاضطراب السياسي وعدم وضوح الرؤية الاقتصادية لما بعد بريكست إلى تباطؤ نمو أسعار البيوت.
لكن ذلك لا ينفي أن شكل البريكست سيكون له الأثر الأكبر على القطاع، خاصة في حال بريكست بدون اتفاق. وبدأت مؤشرات ذلك تظهر بالفعل في العقارات التجارية وعقارات المكاتب التي زاد العرض في سوقها عن الطلب نتيجة تقليص كثير من الأعمال التي كانت تعتمد على وجود بريطانيا ضمن أوروبا لنشاطها في بريطانيا.
ومن شأن يريكست بدون اتفاق أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في العرض، من عقار سكني أو إداري، مقابل طلب متواضع نتيجة الوضع الاقتصادي العام. وهذا ما قد يؤدي إلى أزمة سوق عقارية في بريطانيا.
العقار والنمو
وإذا كانت اسواق مثل كندا ونيوزيلندا تبدو الأكثر عرضة لانفجار فقاعة عقارية، فإن تأثيرها على القطاع عالميا ليس بقدر تأثير قطاع العقار في أميركا أو بريطانيا. وبدأت تلك الدول في اتخاذ إجراءات للحد من غليان السوق، منها تشديد أو حظر شراء الأجانب.
وإذا كانت بريطانيا لا تستطيع الحد من شراء الأجانب للعقار، وهو ما يحافظ على السوق قوية في السنوات الأخيرة، فإن التأثير السلبي لبريكست كفيل بمعادلة أي تأثير لشراء الأجانب للبيوت والعقارات التجارية في بريطانيا.
مع ذلك، تظل المخاوف من أن سوق العقار العالمية، والأميركية والبريطانية في مقدمتها، في طريقها لهبوط حاد سيؤثر سلبا على نمو الاقتصاد العالمي. ونهاية الشهر الماضي نشرت مجموعة أوكسفورد ايكونوميكس تقريرا خلاصته أن "الشروخ في القطاع العقاري العالمي قد تؤدي إلى تباطؤ نمو الناتج المحلي الاجمالي العالمي إلى أقل معدل له منذ عشر سنوات".
ويقول التقرير "إن هبوط أسعار البيوت وتراجع الاستثمارات في القطاع العقاري قد يضغط هبوطا على النمو الاقتصادي العالمي إلى نسبة 2.2% في 2020 وأقل من 2% بعدها. ويزيد من تلك الاحتمالات أن يؤدي هبوط السوق العقارية إلى تشديد شروط الائتمان العالمي عامة بما يؤثر على بقية قطاعات الاقتصاد".
وحسب تقرير اوكسفورد ايكونوميكس "فإن أسعار العقار تراجعت بنسبة 10% في المتوسط عالميا، بينما تراجع الاستثمار في العقار بنسبة 8%.
كل تلك المؤشرات قد لا تعني قرب أزمة حادة أو انفجار فقاعة عقارية، لكن التوسع في السوق لم يعد كما كان إثر التعافي من الأزمة المالية العالمية في 2008-2009. وعلى الرغم من أن عودة البنوك المركزية إلى خفض الفائدة وسياسات التيسير النقدي قد تشجع قطاع العقار على النمو مع توفر الائتمان قليل التكلفة فإن ذلك يغذي تضخما كبيرا بالفعل في قيمة العقار.
اندبندنت
COMMENTS