المملكة المتحدة تتميز بتاريخها بالتصدير
للصناعات الإبداعية البريطانية تاريخ طويل وحافل في أروقة التجارة العالمية. ولقد درَّت صادرات الخدمات الإبداعية على المملكة المتحدة خلال عام 2014 ما يزيد عن 19.8 مليار جنيه استرليني، أي ما يعادل 9 بالمئة تقريبا من جميع صادرات المملكة المتحدة (المصدر: احصائيات الحكومة، وزارة الثقافة والإعلام والرياضة، يونيو 2016). وهذه النسبة المئوية أعلى من من مساهمة الصناعات الإبداعية في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة التي تشكل نسبة تتراوح ما بين 5-6 بالمئة تقريبا. وتهدف استراتيجية النمو التي بلورها القطاع الإبداعي البريطاني، بالشراكة مع الحكومة البريطانية، إلى زيادة صادرات الخدمات الإبداعية البريطانية لتصل إلى 31 مليار جنيه بحلول عام 2020.
المملكة المتحدة منبع ومركز للتوجهات العالمية
تتمتع المملكة المتحدة بمزيج فريد في نوعه من مواطن القوة في قطاعات الإعلام والثقافة والتعليم، وهو ما يمكِّنها من ابتكار توجهات جديدة ونشرها. وقد تبوّأت المملكة المتحدة المرتبة الثانية على سلّم القوة الناعمة لسنة 2016، والثالثة على مؤشّر آنهولت-جي إف كيه روبر لوسم الدول Anholt-GFK Roper في 2015، وهو المؤشر الذي يسجل قيمة الانطباعات الإيجابية لدى المستهلكين في أنحاء العالم تجاه كل دولة من الدول.
ويرى المتكهنون بالتوجهات الجديدة أن المملكة المتحدة سوق أساسي. وإذا لم تكن التوجهات راسخة في المملكة المتحدة، فمن غير المحتمل أن تكتسب صفة عالمية حقا.
كما تعتبر لندن المدينة الأكثر تأثيرا في العالم حسب موقع فوربس.كوم Forbes.com نظرا لجمعها ما بين "الكفاءة وتوفر رأس المال والمعلومات" إلى جانب التركيز الكثيف فيها لقطاعات الإعلام والثقافة والأعمال. ويضاف إلى ذلك أن لندن تتبوأ المرتبة الأولى على مؤشر المدينة الإبداعية الذي يُعدّه مركز إيه آر سي ARC للتميز في الصناعات الإبداعية والابتكار، ومقره في استراليا.
هي سوق استثمار جاذبة
يتسم الإبداع في المملكة المتحدة بانفتاحه على طرق خارجية من التفكير والتعاون. فهناك 1.2 مليار شخص على هذه الأرض يتحدّثون اللغة الإنجليزية أو يتعلمونها، وللمملكة المتحدة تاريخ طويل في مجال التجارة الدولية، كما إنها موطن لشعب مستقر ينبض بالحيوية والنشاط، ومتعدِّد الأعراق والثقافات.
ومن شأن هذه العوامل أن تجعل المملكة المتحدة بمكانة تتيح لها تماما العمل مع ثقافات وشركاء خارجيين، وتدعم انفتاحها على عملاء ومستثمرين من الخارج.
أما الاستثمارات الخارجية المباشرة في المملكة المتحدة فقد سجّلت مستويات قياسية، وفقا لما جاء في بيانات رسمية. حيث بلغ عدد المشاريع 2,213 مشروعا استثماريا أجنبيا في أنحاء البلاد ما بين عامي 2015 و2016، أي بزيادة قدرها 11 بالمئة عن العام الذي سبقه.
وقد أسفر ذلك عن توفير أو حماية حوالي 16,0001 وظيفة - ويعتبر هذا ثاني أعلى رقم يُسجَّل حتى الآن. وهذه الاستثمارات وردت من 79 بلداً، وهو عدد قياسي، وأصبحت المملكة المتحدة بذلك الوجهة الأوروبية الأولى للمشاريع الواردة من الأسواق الناشئة في العالم. في قطاع الصناعات الإبداعية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات كان هناك 558 من مشاريع الاستثمار الخارجي المباشر في هذا القطاع بالذات، ما أدى لاستحداث أو حماية 14,556 وظيفة.
كما يصنف البنك الدولي المملكة المتحدة بالمركز السادس عالميا في سهولة تأسيس وممارسة الأعمال.
هناك أيضا حوافز مالية محدَّدة للاستثمار في قطاع الإبداع في المملكة المتحدة. فعلى سبيل المثال، هناك نظام التخفيف الضريبي الذي يتيح استرداد نسبة 25 بالمئة من المصروفات المشمولة التي تنفق في قطاع الأفلام والإنتاج التلفزيوني المتطور والصور المتحركة. وقد استفاد قطاع الأفلام البريطاني كثيرا من هذا التخفيف الضريبي، حيث ساهمت الاستثمارات الخارجية برفد اقتصاد المملكة المتحدة بصورة مباشرة بمبلغ 10 مليارات جنيه استرليني في السنوات العشر الأخيرة، وشجّعت تصوير بعض من البرامج التلفزيونية العالمية المثيرة، مثل مسلسل لعبة العروش، في المملكة المتحدة.
فيها قوَّة عاملة مؤهَّلة وماهرة
وفقاً لتصنيف جامعات العالم حسب مؤشر التايمز للتعليم العالي، يوجد في المملكة المتحدة ثلاثٌ من أفضل 10 جامعات في العالم، بحيث تعتبر لندن العاصمة العالمية للتعليم العالي وفقا لتقييم مؤسسة برايْس ووترهاوس كوبرز.
وكثيراً ما يُحاكى نظام التعليم البريطاني القائم على الإبداع وجودة الأداء. حيث تتمتع المملكة المتحدة بشبكة من المدارس المثيرة للإعجاب في حقل الفنون؛ أما هندسة العمارة فتُدرَّس في أكثر من 40 مركزا في المملكة المتحدة التي كانت من الرواد الأوائل في تصميم دورات تدريبية مخصصة للتصميم الرقمي وتطوير الألعاب الإلكترونية.
كما تأتي المملكة المتحدة في المرتبة الثانية عالمياً على صعيد التعاون بين هذا القطاع والجامعات. وقد عملت الصناعات الإبداعية أيضا مع مؤسسةCreative Skillset، وهي المؤسسة المعنية بهذا القطاع، بهدف تقييم واعتماد الدورات الأنسب لتهيئة المواهب الشابّة للعمل في الصناعات الإبداعية، ومنح الأفضل من بينها اعتماد Creative Skillset.
وجاءت المملكة المتحدة كثالث أفضل بلد في العالم من حيث القدرة على اجتذاب العمالة الماهرة، والاحتفاظ بها وتدريبها وتعليمها، وذلك حسبالمؤشر العالمي لتنافس المهارات الذي نشره المعهد الأوروبي لإدارة الأعمال (INSEAD) في 2017.
بلد الابتكار
المملكة المتحدة بلد يقوم اقتصاده على الابتكار. فمابين عاميّ 2000 و2009 كان الابتكار مصدراً لأكثر من 60 بالمئة من نمو الإنتاجية. وتتمتع الإبداعات البريطانية - من الأزياء إلىالأفلام، ومن الهندسة المعمارية إلى الدعاية والإعلان - بسمعة كسبتها عن جدارة بتحديها للمألوف والتقليدي، واعتناقها لكل ما هو جديد بحرفيَّة ومهارة طبيعية.
ولندن هي المدينة المعترف بها عاصمة أوروبا لتأسيس المشاريع التكنولوجية. هذا إلى جانب مراكز أخرى لتأسيس هذه المشاريع في كامبريدج وشمال غرب إنجلترا واسكتلندا. ولقد كان قطاع التكنولوجيا في المملكة المتحدة الوُجهة الأوروبية الرئيسية للاستثمار في 2016، حسب هيئة لندن والشركاء، وهي الهيئة الترويجية الرسمية التابعة لعمدة لندن. يمكنك الاطلاع على رسوم توضيحية للاقتصاد الإبداعي في المملكة المتحدة على موقع Nesta.
وقد قدمت دورة الألعاب الأولمبية في 2012 عرضا عالميا لا يُنسى لمجموعة من التصاميم وأشكال التعاون والمواد المبتكرة في كل شيء، من الشعلة الأولمبية إلى الموقد والمواقع الرياضية المستدامة بيئيا. والظاهرة الجديدة المتمثلة في الإبداعات التقنية تشمل شركات بريطانية رائدة في مجالات جديدة كالواقع الافتراضي، والذكاء الصناعي، والواقع المُعَزّز تكنولوجيا.
مجلس الصناعات الإبداعية
COMMENTS