أجرت صحيفة ذا تايمز البريطانية، يوم الأحد، تحليلاً حول الرسوم التي تفرضها وزارة الداخلية على مئات الآلاف من الأشخاص، للحصول على حق ا...
أجرت صحيفة ذا تايمز البريطانية، يوم الأحد، تحليلاً حول الرسوم التي تفرضها وزارة الداخلية على مئات الآلاف من الأشخاص، للحصول على حق الإقامة والمواطنة البريطانية. وذلك عقب ارتفاعها بشكل كبير خلال السنوات الخمس الماضية، مع زيادة في الأرباح بنسبة 91 في المائة.
وكانت وزارة الداخلية قد اتهمت بأنها استفادت من رسوم الهجرة المتزايدة التي بلغت قيمتها 500 مليون جنيه إسترليني في العام الماضي.
ويظهر التحليل أنّ الرسوم المرتفعة تؤثّر بشكل خاص على أطفال الآباء المهاجرين، الذين ولد الكثير منهم في المملكة المتحدة أو جاءوا كأطفال صغار ولا يعرفون سوى الحياة في هذا البلد. بيد أنّه يتوجّب عليهم أن يدفعوا 1012 جنيهًا إسترلينيًا ليصبحوا مواطنين بريطانيين، وهي رسوم ارتفعت بنسبة 51 في المائة منذ عام 2014 وحقّقت وزارة الداخلية ربحًا قدره 640 جنيهًا إسترلينيًا لكل طلب.
ويتعين على المتقدمين أن يدفعوا نسبة 72 في المائة إضافية مقابل الحصول على إقامة مؤقتة
و119 في المائة إضافية مقابل الحصول على إقامة دائمة، مقارنة بخمسة أعوام مضت، بينما انخفضت تكاليف وزارة الداخلية.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الأشخاص المحاصرين في هذا النظام، يشبهونه بلعبة "الثعابين والسلالم" لكن من دون سلالم. ويقولون إن خطأً واحداً يمكن أن يجعلهم "بدون وثائق"، مما يعني حرمانهم من الحصول على الخدمات الأساسية ومواجهتهم خطر الترحيل.
وفي هذا الشأن، تروي ميشيل إزيوكو، 23 سنة، التي عاشت في بريطانيا منذ أن كانت في التاسعة من عمرها، معاناتها بعد ارتكابها خطأً واحداً في طلبها، ما أدّى إلى عرقلة الأمور. وتقول إن الأمر قد يستغرق 11 عامًا للحصول على الجنسية بتكلفة تزيد على 11 ألف جنيه إسترليني. وتضيف: "إنه نظام عقابي" ... إنه يبقي على عائلاتنا غارقة في الديون، ويبقينا فقراء.
وفي هذا السياق، يقول النقّاد إن الرسوم تُظهر أن سياسة البيئة العدائية، التي تبرأت منها وزارة الداخلية بعد فضيحة ترحيل أبناء الكاريبي المعروفين بجيل ويندروش، لا تزال حاضرة وتحاصر العائلات التي تعيش في فقر وتكافح من أجل دفع مبالغ باهظة، مقابل الحصول على وضع الهجرة القانوني.
وفي تقرير صدر في إبريل/نيسان الماضي، تساءل ديفيد بولت، كبير مفتشي الحدود والهجرة، عما إذا كانت وزارة الداخلية قد بحثت تأثير ارتفاع الرسوم على "رفاهية المجموعات أو الأسر أو الأطفال المستضعفين. . . أو العواقب المحتملة للاندماج الاجتماعي".
بدوره، دعا بوريس جونسون، في أول أسبوع له كرئيس للوزراء، إلى إصلاح شامل للنظام وحذّر من أن محنة الآلاف من الناس قد تكون في خطر في حال تكرار معاناة جيل ويندروش.
ونظر تحليل صحيفة "ذا تايمز" إلى أربع فئات رئيسية تتعلّق بوضع الهجرة: الجنسية، وجنسية الأطفال، والإقامة المحدودة أو المؤقتة، والإقامة الدائمة.
وشملت النتائج، ارتفاع رسوم تقديم طلب للحصول على إقامة دائمة، بنسبة 119 في المائة من 1.093 جنيه إسترليني في عام 2014 إلى 2.389 جنيه إسترليني، في حين أن تكلفة معالجة الطلب تبلغ 243 جنيها إسترلينيا. وحقّقت وزارة الداخلية ربح 203 مليون جنيه إسترليني من طلبات الإقامة الدائمة في عام 2018.
ارتفعت رسوم طلب الإقامة المؤقتة، بنسبة 72 في المائة من 601 جنيهً إسترليني في عام 2014 إلى 1033 جنيهًا إسترلينيًا في عام 2018 على الرغم من أنّ تكلفة معالجة الطلب انخفضت من 278 إلى 142 جنيهًا إسترلينيًا.
ارتفعت رسوم الحصول على الجنسية للبالغين من 906 جنيهات إسترلينية إلى 1.250 جنيها إسترلينيا خلال خمس سنوات، مما حقق ربحا بلغ 96.6 مليون جنيه إسترليني في العام الماضي.
ويدفع مقدمو طلبات الإقامة المؤقتة، الذين يعمل الكثير منهم ويدفعون ضريبة الأجور، رسوما إضافية لاستخدام الخدمات الصحية الوطنية التي تضاعفت ووصلت إلى 400 جنيه إسترليني سنويا منذ عام 2015.
في المقابل، قالت وزارة الداخلية إن جميع رسوم الهجرة كانت قيد المراجعة لكنها أصرّت على أنها لم تحقق ربحًا، وأنّ سياستها تتمثّل في جعل نظام الهجرة قادراً على التمويل الذاتي. مما يعني أن الأشخاص الذين يدفعون مقابل الحصول على الوضع القانوني المطلوب، إنّما يدعمون الجهود المبذولة لردع المهاجرين السريين وإلقاء القبض عليهم وترحيلهم.
من جهته، قال متحدث بلسان وزارة الداخلية: "يتم تحديد رسوم التأشيرة والهجرة والجنسية على مستوى يساعد على توفير الموارد اللازمة لتشغيل نظام الحدود والهجرة والجنسية لدينا، لتخفيف العبء على دافعي الضرائب في المملكة المتحدة". بحسب ما أوردت صحيفة "ذا تايمز".
ويبقى عدد المهاجرين السريين في بريطانيا مجهولاً، لكن التقديرات تتراوح بين 500 ألف وما يزيد عن المليون. وتشمل هذه الأرقام حوالي 120 ألف طفل، نصفهم سوف يولدون في بريطانيا، لكن لا يملكون حقوق المواطنة التلقائية.
وتعلّق روبا حق، عضو في البرلمان عن حزب العمال، على تحليل ذا تايمز قائلة: "إن مستوى أرباح وزارة الداخلية التي كشفت عنها ذا تايمز كان "مروعا ولكنه ليس مفاجئا". وأضافت أنّها ترى كل أسبوع، أشخاصا يتعرّضون لصرف مبالغ طائلة نتيجة رسوم التقديم الباهظة ومقابل خدمة دون المستوى المطلوب من قبل محاميهم الذين يتلاعبون للحصول على المزيد من المال. وقد كشفت فضيحة ويندروش عدم كفاءة وزارة الداخلية. ويوضح هذا الاستغلال أنّ البيئة المعادية حية وبصحة جيدة. ولفتت إلى أنّ حزب العمال سيراجع قضية هذه الرسوم على وجه السرعة.
العربي الجديد
COMMENTS