BBC تزايد الاهتمام بحقوق العابرين جنسياً خلال السنوات الأخيرة. وفي بريطانيا، قررت الحكومة خفض رسوم إجراءات تغيير الجنس قانونيا، من دون إسقاط...
BBC |
تزايد الاهتمام بحقوق العابرين جنسياً خلال السنوات الأخيرة. وفي بريطانيا، قررت الحكومة خفض رسوم إجراءات تغيير الجنس قانونيا، من دون إسقاط الشروط الطبية اللازمة.
تختلف الهوية الجنسية المحددة اجتماعيا للشخص العابر جنسياً عن نوع الجنس الموثق في شهادة ميلاده الأصلية.
حين نولد، يتم تسجيل الجنس كذكر أو أنثى، بناء على خصائص فسيولوجية. ( وقد يولد البعض باختلافات كروموسومية أو فسيولوجية أخرى قد تجعل تحديد الجنس مسألة معقدة. (هؤلاء قد يشار إليهم باعتبارهم intersex ثنائيي الجنس).
يستند الجندر (النوع الاجتماعي) أو (الجنوسة) إلى السلوك والتوقعات والمظهر الخارجي الذي يُنظر إليه عادة على أنه يتوافق مع جنس الشخص.
وتستند الهوية الجندرية إلى الإدراك الذاتي، كيف نرى ونصف أنفسنا وكيف "نقدم أنفسنا" للعالم.
على سبيل المثال، قد تعتبر من كان جنسها أنثى نفسها ذكراً، والعكس صحيح.
أما الأشخاص المناقضين للثنائية الجنسية فهم لا يعتبرون أنهم يمتلكون هوية جنسية وحيدة كذكر أو أنثى، أو قد يتخذون موقفاً مختلفاً من الجندر، (أي في تحديدهم لهويتهم الجنسية الاجتماعية).
والأشخاص الذين يواجهون اختلافاً بين جنسهم وجندرهم (هويتهم الجنسية الاجتماعية) يُشار إليهم طبياً بوصفهم يعانون من اضطراب الهوية الجندرية، وقد يصفون أنفسهم بأنهم عابرون جنسيا.
ما التغييرات التي يمكن أن يقوم بها العابرون جنسيا؟
يعيش الكثير من العابرين جنسياً وفقاً لهويتاهم الجندرية (نوعهم الاجتماعي، أو هويتهم الجنسية المحددة اجتماعيا)، ويرتدون ملابس ويقدمون أنفسهم للعالم بطريقة تتماشى مع هويتهم تلك ويختارون لأنفسهم أسماء.
ربما يحتاجون إلى تقديم طلبات من أجل تعديل بيانات شهادة الميلاد، أو جواز السفر أو رخصة القيادة.
ويقرر البعض أيضاً اللجوء إلى إدخال تغييرات جسمانية بحيث تتماشى أجسامهم مع هويتهم الجندرية.
وقد يشمل ذلك تعاطي أدوية هرمونية والخضوع لعلاج طبي لتغيير طبقة الصوت.
وتسمى هذه التغييرات الاجتماعية والفسيولوجية والقانونية بالعبور الجنسي.
ما الذي يمكن أن تُغيره قانونيا في هذا الصدد؟
بموجب قانون الاعتراف بالجندر (النوع الاجتماعي) لعام 2004، يحق للبالغين البريطانيين من الناحية القانونية أن يقوموا بتغيير الجنس في حال استيفاء شروط معينة. وفي هذه الحالة يمكن تسجيل الجنس المطلوب في شهادات الميلاد والزواج. ويمر 95% من المتقدمين عبر مسار موحد في عملية التقديم، وتتمثل المتطلبات الرئيسية فيما يلي:
* تعهد بأن المتقدم سيعيش طوال حياته بالهوية الجنسية التي يرغب فيها
* تقرير طبي يؤكد تشخيص حالته المتقدم باضطراب الهوية الجنسية
* تقرير طبي بأي علاجات هرمونية أو جراحات تمت أو من المقرر الخضوع لها
* دليل على أن المتقدم عاش بالكامل على أساس الهوية الجنسية التي يرغب فيها لمدة عامين على الأقل، مثل صور من جواز السفر أو رخصة القيادة
* يتعين على المتقدم أن يكون عمره 18 عاماً على الأقل، مع دفع رسوم قيمتها 140 جنيهاً استرلينيا.
ويقول الكثير من الأشخاص العابرين جنسياً إنهم وجدوا أن النظام بيروقراطياً ومكلفاً ومهيناً ويقتحم تفاصيل شخصية.
وحتى عام 2018 لم يقدم سوى أقل من خمسة الآف شخص على تغيير الجنس قانونياً، مما دفع الحكومة إلى أن تفتح مشاورات عامة حول الأمر.
وعلى الرغم من أنه لا يُعرف عدد العابرين جنسياً في المملكة المتحدة، إلا أن الحكومة تقدر عددهم بما بين 200 ألف إلى 500 ألف شخص.
وفي الوقت قاد قانون الاعتراف بالجندر إلى تأسيس نفس النظام في مختلف أنحاء المملكة المتحدة، لم تشمل المشاورات العامة سوى انجلترا وويلز. بينما نشرت الحكومة الاسكتلندية مشروع قانون يسقط شرط وجود تشخيص طبي.
ولن تغير المشاورات طريقة عمل نظام الاعتراف بالجندر في أيرلندا الشمالية.
وكانت هناك تكهنات بشأن احتمال إسقاط الحكومة شرط التشخيص الطبي بالنسبة لإنجلترا وويلز والسماح للناس بطلب تغيير الجنس قانونياً بالاستناد إلى تحديدهم الذاتي لهوياتهم الجنسية الاجتماعية (الجندرية). غير أن هذا الاحتمال أثار جدلاً حادا، وتم تمديد المشاورات بسبب تلقي عدد كبير من الردود، بلغ عددها 53 ألفاً على الأقل.
وقد ردت الحكومة بالقول إنها تعتقد أن قانون الاعتراف بالجندر يحقق التوازن الصحيح بين الفحوص القانونية والدعم المطلوب للأشخاص الراغبين في تغيير هويتهم الجندرية (نوعهم الاجتماعي) أمام القانون.
لكنها قالت إن عملية التقديم تحتاج لأنه تكون أكثر "لطفاً ووضوحا".
وستخفض الحكومة رسوم التقديم لتصبح "مبلغاً رمزيا"، إلى جانب تسريع وتيرة الإجراءات على الإنترنت. وقالت الحكومة كذلك إنها ستفتح ثلاث عيادات طبية جندرية خلال العام الجاري.
ماهي القواعد بالنسبة للأماكن المخصصة للسيدات فقط؟
ثار جدل بشأن حقوق العابرين جنسياً، وثمة آراء متعددة بشأن كيفية موازنة المجتمع بين احتياجات الجماعات المختلفة.
وتركز جانب كبير من الجدل على حق دخول الأماكن المخصصة للسيدات فقط، كدورات المياه وغرف تغيير الملابس ومراكز إيواء ضحايا العنف المنزلي والسجون.
بموجب قانون المساواة لعام 2010، يجب عدم التمييز ضد أي شخص بسبب كونه عابراً جنسيا.
ولا ينبغي أن يحتاج الشخص لأن يخضع لعلاج معين أو جراحة ما لحماية نفسه من التمييز.
وتنص توجيهات مفوضية المساواة وحقوق الإنسان على أن "تغيير الصفات الفسيولوجية أو أي خصائص تتعلق بالجنس هو عملية شخصية وليست طبية".
لكن يحق للقائمين على خدمات تقدم لجنس بعينه أن يقرروا منع دخول الأشخاص العابرين جنسياً مادامت هناك "وسيلة مناسبة لتحقيق هدف مشروع".
وأعطى قانون المساواة مثالاً بأن القائمين على مجموعة للاستشارات النفسية للنساء فقط، قد يقومون بمنع دخول سيدة عابرة جنسياً إذا قرروا أن المشاركات قد يمتنعن عن الحضور في وجودها.
ومع ذلك، يعد منع سيدة عابرة جنسياً من دخول دورة مياه في حانة أمراً مخالفاً للقانون على الأرجح.
وتقول الحكومة إن تغيير الجندر لا يضمن حق الدخول إلى الأماكن المخصصة لجنس بعينه (كالأماكن المخصصة للنساء)، كما أن المشاورات ما كانت لتسفر عن إلغاء هذه الاستثناءات.
غير أن البعض عبروا عن مخاوفهم بشأن التحديد الذاتي، ورجحوا أن القائمين على هذه الخدمات قد لا يكونوا على دراية كاملة بالقانون.
ويعتبرون كذلك أن حقوق المرأة تواجه تهديداً.
وتعارض ديبي هايتون، وهي مدرسة فيزياء وناشطة ومتحولة جنسياً، تعديل قانون الاعتراف بالجندر قائلة إن المجتمع ما زال "مليئاً بالتمييز على أساس الجنس".
وتضيف: "لقد ناضلت النساء من أجل توفير الخدمات ووسائل الحماية، والأماكن المخصصة لهن والجمعيات النسائية والخطط الرامية لتعزيز دورهن في العمل والسياسة والمجتمع. كل هذا سيكون تحت التهديد بسبب مفهوم التحديد الذاتي".
لكن آخرين يرون أن حقوق العابرين جنسياً ينبغي ألا تكون محل نقاش.
ففي مقال بعنوان "لماذا لم أعد أتناقش حول حقوق العابرين" يقول جونو داوسون إن "الذعر الأخلاقي" الحالي يناقض حقيقة أن " الأشخاص العابرين جنسياً موجودون منذ بداية التاريخ".
ويضيف: "لا يجب أن يضطر شخص عابر جنسياً لأن يشرح نيابة عن مجتمع كامل أنه لا يمثل خطراً. هذا أمر مفروغ منه".
ويقول البعض إن إسقاط الشرط الطبي كان ليساهم في جعل حياة العابرين جنسياً أسهل، وإنه لم يكن ليوثر كثيراً على أغلبية الأماكن المخصصة لجنس بعينه، والتي نادراً ما تتطلب أن يثبت الشخص ما إذا كان رجلاً أو امرأة.
الهوية الجندرية والأطفال
ثمة نقطة أخرى كانت مثار جدل، وهي علاج الأطفال الذين يشككون في هويتهم الجندرية (تحديد هويتهم الجنسية في المجتمع).
وتقول خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا إن هذه الأحاسيس "شائعة بدرجة مقبولة". وقد تستمر لدى نسبة بسيطة بما قد يقتضي إحالتهم إلى خدمة تطوير الهوية الجندرية لمن هم دون سن الثامنة عشر.
في بعض الحالات، قد يصف الأطباء علاجات لتأخير ظهور أعراض البلوغ، غير أن خدمة الصحة الوطنية تقول إنه لاتوجد معلومات كثيرة بعد بشأن آثارها الجانبية على المدى البعيد.
وقد عبر العاملون في خدمة تطوير الهوية الجندرية عن مخاوفهم تجاه الإسراع في تقديم العلاجات لبعض الأشخاص، وهو ما تنفيه خدمة الصحة الوطنية بشدة.
ويتعين على المتقدم أن يكون عمره أكثر من 18 عاماً من أجل الحصول على شهادة الاعتراف بهويته الجندرية (هويته الجنسية الاجتماعية) وفي اسكتلندا سيتم تخفيض هذا السن إلى 16 عاماً بموجب التعديلات المقترحة.
COMMENTS