فاينانشيال تايمز - ترجمات السياق - حقوق الصور Jonathan McHugh© حذرت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية من تفاقم الخلافات على التاريخ والعر...
فاينانشيال تايمز - ترجمات السياق - حقوق الصور Jonathan McHugh© |
حذرت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية من تفاقم الخلافات على التاريخ والعرق والجنس في المملكة المتحدة، قائلة إن عدد المقالات الصحفية البريطانية، التي تستخدم عبارة "الحرب الثقافية" ارتفع من 21 عام 2015 إلى 534 عام 2020، بينما وصل العدد إلى ما يقرب من 1500 مقال عام 2021.
وأضافت الصحيفة -في تقرير نشرته الجمعة- أن البعض يرون أن هذه الحرب الثقافية باتت حتمية، إذ سيطرت الرسائل المثيرة للانقسام في الانتخابات العامة لعام 2019 على الأجواء منذ ذلك الحين، مشيرة إلى أنه ربما لا يمكن تشبيه الحرب الثقافية في بريطانيا مع الحرب في أوكرانيا، وربما يشعر البعض بأن السياسات المتعلقة بالهوية تبدو مُفتعلة مقارنةً بضغوط تكلفة المعيشة، إذ إنه مَن سيهتم إذا كان الناس يدفعون بالجنيه الاسترليني أو بعملة أخرى عندما تكون الأسعار مرتفعة للغاية؟
وتابعت:
"ولكن مهما كان السبب، فإن وجود هدنة في الحرب الثقافية في بريطانيا سيكون أمراً مهماً، إذ إنها ستُظهر أن السياسة البريطانية ليست مثل الأمريكية كما يفترض العديد من المراقبين، لأن البريطانيين لديهم جسور مشتركة، ولذا فإن الحرب الثقافية لن تكون بالضرورة مصيرنا".
وذكرت الصحيفة أن مصطلح "الحرب الثقافية" انتشر منذ 30 عاماً، في أغسطس 1992، حينما أخبر المرشح الرئاسي الأمريكي بات بوكانان الحاضرين في مؤتمر الحزب الجمهوري بأن البلاد كانت في خضم "حرب ثقافية"، موضحة أنه طالما بدت مثل هذه الديناميكية مستحيلة في بريطانيا، التي كانت في ذلك الوقت أقل تديناً من الولايات المتحدة، ولم يكن لديها نظام مُستقطِب يضم حزبين رئيسيين.
وأضافت: "حتى جاءت استفتاءات استقلال اسكتلندا وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فقد كان على الكثير من الجمهور أن يختار جانباً ينحاز إليه، إما مؤيداً وإما مناهضاً للاتحاد مع اسكتلندا، وإما مغادرة الاتحاد الأوروبي أو البقاء فيه، وقد كانت هذه الاختيارات المتعلقة بالهوية تهديدًا بأن تكون أساساً لاستقطاب أوسع".
ورأت الصحيفة أنه صحيح أن المجتمع البريطاني منقسم -بشكل متزايد- إلى معسكرين، مثل الولايات المتحدة، لكن هناك شيئين تغيرا، أولهما أن شعور مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالهوية أصبح أكثر ضعفاً، إذ إنه بحلول الوقت الذي غادرت فيه لندن الكتلة عام 2020، شعر البريطانيون بالملل من سماع أخبار خروج بلادهم من الاتحاد، كما أنهم باتوا أقل اهتماماً بالقضية الرئيسة في الاستفتاء وهي الهجرة، إذ لم يعد يتم ذكر هذه المسألة في أبرز 10 قضايا تهم البريطانيين، حتى أن خروج البلاد من الاتحاد بات في المرتبة التاسعة، بعد الصحة العامة، وتغير المناخ وعدم الثقة بالسياسيين، ورغم تنشيط شعور مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد بالهوية عام 2019 بسبب إحباطهم من الجمود السياسي بعد مغادرة الكتلة، فإنه سرعان ما تبدد هذا الشعور، وحل محله شعور متزايد بالغضب من تضليل رئيس الوزراء البريطاني المستقيل بوريس جونسون.
ووفقاً للصحيفة، فإن الأمر الثاني هو أن هويات البريطانيين لم تكن متعلقة بموقفهم من الاستفتاء، إذ لم ينقسم البريطانيون بشكل صارخ على أسس حزبية في مواقفهم تجاه لقاحات كورونا، كما أن هناك قدرًا لا بأس به من الإجماع على الحاجة للعمل على قضايا تغير المناخ، وزواج المثليين، والإجهاض، وفي هذا الشأن، فإن بريطانيا لا تختلف عن الولايات المتحدة فحسب، ولكن عن العديد من الدول الأوروبية أيضاً، وهو ما لا يمثل أرضاً خصبة لاندلاع حرب ثقافية في البلاد.
وتساءلت الصحيفة: "كيف ينتهي الجدل الثقافي؟"، قائلة إن العديد من معارك الهوية في بريطانيا انتهت بالتوصل إلى الإجماع على رأي ما، مشيرة إلى أنه في الثمانينيات -على سبيل المثال- زاد عدم تقبُّل البريطانيين للعلاقات المثلية، وسط أزمة الإيدز والموقف المتشدد لحكومة مارجريت تاتشر من الأمر، لكن اليوم، يتم قبول حقوق المثليين بشكل كبير، كما ارتفعت نسبة الذين يقولون إن المثلية ليست أمراً خاطئاً من 45% إلى 67% منذ عام 2010، وفقاً لمسح أجرته مؤسسة المواقف الاجتماعية البريطانية، وهو ما حدث بعد سنوات من الحملات وكثرة ظهور هذه العلاقات في المسلسلات التلفزيونية.
ولفتت الصحيفة إلى أن الحروب الثقافية ظهرت أيضاً داخل الشركات البريطانية عامي 2020 و2021، إذ تحاول بعض المؤسسات أن تشير إلى أنه يمكن الخلاف على كل شيء، فقد واجهت منصة نتفليكس احتجاجات من الموظفين (بشكل رئيس في الولايات المتحدة) على قرارها بث برامج للممثلين الكوميديين ديف تشابيل وريكي جيرفيه، التي قال النقاد إنها تتضمن عبارات تسيء للمتحولين جنسياً، لكن المنصة رفضت فرض رقابة على هذه البرامج، حتى أنها أقالت أحد منظمي الاحتجاجات بزعم تسريب بيانات داخلية، وعلى الجانب الآخر، بدأ بنك هاليفاكس البريطاني السماح لموظفيه بوضع عباراتهم المفضلة على شارات أسمائهم، وعندما اعترض عملاء البنك على هذه السياسة عبر الإنترنت، أجاب البنك بأنه يمكنهم إغلاق حساباتهم لديه.
ونهاية التقرير، قالت الصحيفة إنه لا يزال الترويج للحروب الثقافية يتم عبر بعض وسائل الإعلام والناشطين على الإنترنت، محذرة من احتمال انتشارها، لأن الأجيال الشابة تؤمن بأفكار مختلفة عن الأجيال القديمة، وتابعت: "صحيح أن الإنترنت قد يجعلنا -في بعض الأحيان- أكثر حدة في التعامل مع بعض القضايا، لكن لا يتعين علينا الاشتراك في الحروب الثقافية، بل يمكننا ببساطة رفض المشاركة فيها".
COMMENTS