تفشيات واسعة للإنفلونزا المتحورة في المملكة المتحدة: إغلاق مدارس، ارتفاع كبير في دخول المستشفيات، وتحذيرات من موجة عدوى غير مسبوقة

 تشهد المملكة المتحدة موجة متصاعدة من أمراض الشتاء، بقيادة سلالة متحورة من الإنفلونزا تُعرف باسم “السوبر فلو”، ما أدى إلى إغلاق عدد من المدارس، وتضاعف حالات الدخول إلى مستشفيات لندن ثلاث مرات، وتوجيه دعوات عامة لارتداء الأقنعة. كما سجلت إصابة نحو 100 راكب وعضو من طاقم سفينة سياحية بفيروس نورووفيروس خلال رحلة عالمية.

إغلاق مدارس وغياب جماعي للتلاميذ

أغلقت عدة مدارس أبوابها بعد تسجيل معدلات مرتفعة من الأمراض الشبيهة بالإنفلونزا بين التلاميذ والطاقم.

وكانت مدرسة "سانت مارتنز "في كايرفيلي بجنوب ويلز من بين الأكثر تضررًا، حيث سُجّل غياب أكثر من 250 شخصًا بين تلاميذ وموظفين. وقد أعلن مدير المدرسة، «لي جارفيس»، تطبيق “فترة حاجز” تتضمن إغلاقًا مؤقتًا وتنظيفًا عميقًا، مع الانتقال إلى التعليم عبر الإنترنت.

وتراوحت الأعراض بين القيء والإسهال وارتفاع الحرارة والسعال والصداع والإرهاق، مع مدة تعافٍ متوسطة تبلغ سبعة أيام. وقد طُلب من الأهالي إبقاء الأطفال في المنازل عند ظهور أي أعراض، حتى وإن كانت خفيفة.

وأكدت الصحة العامة في ويلز أنّ المدرسة أجرت تقييمًا للمخاطر وقررت الإغلاق المؤقت.

وفي تشيشاير، أغلقت مدرسة "كونغليتون هاي سكول" ثلاثة أيام قبل أسبوعين بسبب انتشار أعراض شبيهة بالإنفلونزا. 

وقالت المديرة «هايدي ثورلاند» إن الإغلاق بين 26 و28 نوفمبر/تشرين الثاني كان ضروريًا للتنظيف العميق مع استمرار التعليم عبر منصة Arbor.

وقال «سيمون كيدويل»، مدير مدرسة "هارتفورد مانور "في نانتويتش، إن الموسم الحالي يمثل تحديًا كبيرًا، مضيفًا أن “جراثيم الشتاء تنتشر بسهولة كبيرة في المدارس”.

وفي سومرست، أغلقت "دانسفيلد ميدل سكول" بعد تفشّي فيروس نورووفيروس، بهدف وقف العدوى وتنفيذ تنظيف شامل.

إجراءات احترازية داخل المدارس

في ليدز، خفّضت مدرسة ويغتون مور الابتدائية الغناء في الطابور الصباحي، بعد غياب واحد من كل ستة أطفال خلال الأسبوع الماضي.

وقالت المديرة «إلين باون» إن هذا هو “أسوأ عام” من حيث الأمراض منذ بدأت عملها قبل 14 عامًا، مؤكدة أنّ الغناء يُعد من أكثر مسببات انتشار العدوى في البيئة المدرسية.

وفي مقاطعة لندنديري/أيرلندا الشمالية، وصف مدير "إبرينغتون الابتدائية"، «براين غوثري»، الوضع بأنه “عودة إلى زمن كوفيد”، بعد غياب 170 تلميذًا في يوم واحد، مع نقل بعض الأطفال إلى المستشفى بسبب أعراض شديدة.

وفي اسكتلندا، سجل مجلس شرق لوثيان ارتفاعًا في معدل الغياب بسبب المرض إلى 8.1% في الأسبوع الأخير من نوفمبر/تشرين الثاني، مقارنة بـ5.3% في نفس الأسبوع من العام الماضي.

إصابة 100 شخص بفيروس نورووفيروس على متن سفينة سياحية

تزامنًا مع تفشيات المدارس، أُصيب نحو 100 راكب وعضو من طاقم سفينة تابعة لشركة Aida Cruises خلال رحلة تستغرق 133 يومًا حول العالم. وظهرت الأعراض بعد توقف السفينة في بوسطن ونيويورك وميامي، بحسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC).

وذكر التقرير أنّ 95 من أصل 2,007 راكبًا، وستة من أصل 640 من أفراد الطاقم، أبلغوا عن أعراض تشمل القيء والإسهال، وقد عُزل المصابون لمنع انتشار العدوى.

ضغوط تاريخية على NHS وتحذيرات من موسم إنفلونزا هو الأسوأ منذ سنوات

يواجه NHS ضغوطًا متصاعدة هذا الشتاء، مع تسجيل أعداد قياسية من المرضى المصابين بالإنفلونزا، وتحذيرات من موسم “قد يكون الأسوأ على الإطلاق”، وفقًا للرئيس التنفيذي لـ NHS England، سير «جيم ماكّي».

السلالة المتحورة H3N2 (الفصيلة الفرعية K)

تُسيطر سلالة A(H3N2) المتحورة—المعروفة بـ “السوبر فلو”—على حالات الإصابة في المملكة المتحدة. ويقول الخبراء إنّها أكثر عدوى وشراسة من العام الماضي، وتسبب ارتفاعًا حادًا في الدخول إلى المستشفيات، خصوصًا بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و14 عامًا.

وقالت الأستاذة «نيكولا لويس»، مديرة مركز الإنفلونزا العالمي في معهد "فرانسيس كريك":

“لم نشهد فيروسًا كهذا منذ فترة، فالديناميكيات الحالية غير معتادة. فيروس H3 أكثر شراسة وتأثيرًا على السكان”.

الدعوة إلى ارتداء الأقنعة "الكمامات"

أعادت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة (UKHSA) إصدار توصية بارتداء الأقنعة لمن يشعرون بالمرض، مؤكدة أنّها تقلل انتشار الجزيئات الفيروسية، وتحمي أيضًا مرتديها من فيروسات تنفسية مثل كوفيد-19 والفيروس المخلوي التنفسي (RSV).

وقد فرضت بعض المستشفيات في لندن ولينكولنشاير وشروبشاير وأوكسفوردشاير ارتداء الأقنعة خلال الأسابيع الماضية.

أعداد المستشفيات: ثلاثة أضعاف العام الماضي

تشير بيانات NHS إلى وجود ثلاثة أضعاف عدد مرضى الإنفلونزا في مستشفيات لندن مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، نتيجة انخفاض معدلات التطعيم.

وخلال اجتماع مجلس إدارة NHS England الأسبوع الماضي، توقّع سير «جيم ماكّي» أن يرتفع عدد الأسرّة المشغولة بمرضى الإنفلونزا إلى ما بين 5,000 و8,000، متجاوزًا الرقم القياسي السابق البالغ 5,400 سرير.

وسجّلت المستشفيات في إنجلترا الأسبوع الماضي متوسط 1,717 مريضًا يوميًا، بزيادة تتجاوز 50% عن العام الماضي. وفي لندن وحدها، بلغ المتوسط 259 مريضًا يوميًا، أي ثلاثة أضعاف متوسط العام الماضي البالغ 89 مريضًا.