ما زالت مفاوضات الساعات الأخيرة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا متعثرة، ما يشير إلى إمكانية خروج لندن من الاتحاد من دون اتفاق. ويبدو أن القط...
ما زالت مفاوضات الساعات الأخيرة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا متعثرة، ما يشير إلى إمكانية خروج لندن من الاتحاد من دون اتفاق.
ويبدو أن القطاع المصرفي بدأ التحوط لمواجهة ارتفاع المخاطر التي تضاعفت بفعل تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد ومناخ الأعمال، يضاف إليها عدم الاستقرار الناتج عن الخروج غير المنظم لبريطانيا من القواعد المالية والتجارية والقانونية للاتحاد الأوروبي.
بديل؟
يشدد طارق الرفاعي، مدير مركز كوروم للدراسات في لندن، على أن المصرف المركزي، أو بنك إنجلترا، قادر على دعم القطاع الصرفي البريطاني لتخطي مرحلة عدم الاستقرار الحالية. فالبنوك البريطانية كبيرة، ولديها ما يكفي من رأس المال لامتصاص أي خسائر في المرحلة المقبلة، كما بادر بنك إنجلترا لإتاحة حرية استعمال مزيد من رأس مال المصارف وتعزيز سيولتها.
ويؤكد الرفاعي أن لندن منذ 400 سنة مركز مالي عالمي، وستبقى كذلك داخل الاتحاد أو خارجه. فالقطاع المالي البريطاني يضم عديداً من المؤسسات المالية والمصارف العالمية التي لا تتعامل حصراً باليورو أو الجنيه، وإنما بالدولار أيضاً بميزة غير موجودة لدى المصارف الأوروبية. وفي هذا الإطار، تتنافس لندن مع نيويورك فحسب كمركز مالي عالمي.
ويشير الرفاعي إلى أن فرانكفورت التي برزت أخيراً كبديل من لندن تتنافس مع باريس وأمستردام ولن تستطيع اختزال القطاع المصرفي الأوروبي.
وكان محافظ البنك المركزي البريطاني، أندرو بيلي، قد أعلن أنه على الرغم من الظروف الاقتصادية المعقدة والخلاف القائم مع الاتحاد الأوروبي، فإن هيمنة لندن كمركز مالي عالمي ستستمر بعد أن تستكمل بريطانيا انفصالها عن الاتحاد الأوروبي.
بنك إنجلترا خط الدفاع الأول
يعمل بنك إنجلترا، وفق الرفاعي، لاحتواء معظم المخاطر التي يواجهها الاستقرار المالي البريطاني، تمهيداً للفترة الانتقالية ما بعد "بريكست"، وما قد تشهده السوق من تقلبات واضطرابات في الخدمات المالية. فالبنوك الأكثر تأثراً، يتابع الرفاعي، هي المنكشفة على السوق الأوروبية، مثل البنوك الأوروبية العاملة في السوق البريطانية، حيث تبرز مخاوف فعلية على مدى تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد على هذه البنوك.
ووسعت بنوك سانتاندير ((Santander الإسباني، وHSBC، وباركليز (Barclays) أعمالها في السوق البريطانية، واتخذت من لندن مقراً أساسياً لعملياتها الأوروبية، وهي التي ستكون الأكثر تأثراً بالخسائر، في حين أن البنوك المحلية مثل هاليفاكس، وNationwide مثلاً، لن تتأثر بشكل كبير.
ويتابع الرفاعي أن بعض البنوك الأوروبية قد خرجت كلياً من السوق البريطانية، ومنها بنك N26 الألماني.
ويعول الرفاعي على دعم بنك إنجلترا لحماية البنوك البريطانية من تداعيات "بريكست" بعد أن نجح في حمايتها من الديون العقارية المتعثرة الناتجة عن تداعيات أزمة كورونا. فالمركزي البريطاني لجأ في هذه المرحلة إلى خفض أسعار الفوائد لتصل إلى 0.1 في المئة لتخفيض تكلفة القروض التجارية والشخصية والرهون العقارية، وأتاح سيولة للنظام المصرفي لدعم الإقراض والحفاظ على 2.5 مليون وظيفة في المملكة المتحدة.
ويتابع الرفاعي أن الأزمة الفعلية والتحديات الأشد والتعثر في الديون ستظهر في مرحلة ما بعد "بريكست"، وتحديداً مع انتهاء برامج الدعم، إذ ستشهد بريطانيا انهيار بعض المؤسسات وارتفاعاً مطرداً في نسب الديون المتعثرة، ما قد يرسي تأثيرات مستقبلية أشد من الضغوط الحالية؛ ليبقى مدى دعم بنك إنجلترا الأساسي في إدارة الأزمة الحالية والمرحلة المقبلة.
الاتحاد الأوروبي ومركزية التعاملات
طلب الاتحاد الأوروبي بوضوح من البنوك التي ترغب في ممارسة الأعمال التجارية من داخل دول الاتحاد بعد خروج بريطانيا منه بنقل فروعها من مدينة لندن إلى القارة الأوروبية. ويواجه تداول مشتقات بقيمة 200 مليار دولار يومياً تعطلاً جراء قيود من الاتحاد الأوروبي وتباطؤاً شديداً للعملاء في نقل أنشطتهم من لندن قبل الانفصال الكامل عن الاتحاد الأوروبي. وسيصبح على البنوك في التكتل تداول أسهم باليورو وخليط من المشتقات داخل الاتحاد اعتباراً من يناير (كانون الثاني).
وبادرت مصارف إلى فتح منصات في التكتل لتداول أسهم مقومة باليورو، لكن المخاوف ما زالت قائمة من تعطل المشتقات، ما لم يمنح الاتحاد الأوروبي بريطانيا حق ولوج قبل يناير 2021.
وفي حين تتعامل بروكسل مع ولوج بريطانيا إلى قطاع الخدمات المالية في الاتحاد الأوروبي بشكل منفصل عن الاتفاق التجاري الكلي الذي ينظم العلاقات بين الجهتين، ما زال الغموض سيد الموقف في هذا الملف على بعد أيام من موعد خروج بريطانيا من التكتل، في 31 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.
COMMENTS