ليست مجرد سرقات صغيرة.. كيف تجبر عصابات الاتجار النساء والأطفال على السرقة من المتاجر في بريطانيا؟

From file: People raising awareness about human trafficking in the UK on April 20, 2022 | Photo: Vuk Valcic/ZUMA Press Wire | infomigrants

في عام 2023 سجلت محلات تجارة التجزئة في المملكة المتحدة سرقات بنحو مليار يورو، معظم هذه السرقات قام بها نساءٌ وأطفال أجبرتهم العصابات الإجرامية المنظمة التي تقوم بتهريب البشر إلى المملكة المتحدة على القيام بها، بحسب تحقيقٍ أجرته هيئة الإذاعة البريطانية BBC.

كشف تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية الشهر الماضي أن جماعات الجريمة المنظمة، التي تقوم بتهريب النساء والأطفال إلى المملكة المتحدة، تجبرهم على السرقة من المتاجر. تم القبض على أعضاء هذه العصابة في عدة مدن في المملكة المتحدة، مثل لندن وبرمنغهام ومانشستر ودارلينجتون.

ووفقًا لأحدث تقرير سنوي عن الاتجار بالأشخاص (TIP) الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، فإن الاتجار من أجل العمالة - والذي يشمل الإجرام القسري مثل أعمال السرقة من المتاجر - هو أكثر أشكال الاستغلال شيوعًا بين البالغين والأطفال في المملكة المتحدة.

كما أشار تقرير الاتجار بالأشخاص، الذي يراقب أنشطة الاتجار في جميع أنحاء العالم، إلى حالات "إجبار الجناة الضحايا على السرقة من المتاجر" في أيرلندا الشمالية.


عمليات سرقة منظمة

منظمة تجار التجزئة ضد الجريمة (RAC) البريطانية، وهي منظمة غير حكومية تعمل للكشف عن الجرائم ومنعها وتعمل بشكل وثيق مع الشرطة وتجار التجزئة في المملكة المتحدة، قالت إنها تتعقب 56 مجموعة تستخدم السرقة من المتاجر لتمويل الجريمة المنظمة، بما في ذلك الأنشطة المرتبطة بالمخدرات غير المشروعة والأسلحة النارية.

فيما حددت إحدى الشركات في اسكتلندا عصابة مكونة من 154 شخصًا تسافر عبر المملكة المتحدة لسرقة سلع عالية القيمة بكميات كبيرة لبيعها أو شحنها إلى الخارج.

قام ضابط الشرطة السابق «آدم راتكليف»، بفحص ساعات من لقطات كاميرات المراقبة ومعلومات الشرطة لتحديد أنماط حول كيفية عمل هذه المجموعات.

وأشار إلى أن متاجر مستحضرات التجميل تعتبر هدفًا رئيسيًا في مرمى عصابات السرقة من المتاجر.
ويُزعم أن الجناة يسرقون مفاتيح الخزانات التي يتم فيها تخزين العطور وكريمات الوجه عالية القيمة ومستحضرات التجميل.
وقال راتكليف لـ"BBC" إن مجموعات نسائية مكونة من خمسة إلى سبعة أشخاص تدخل المتاجر دفعةً واحدة وتقوم بفتح الأدراج وتملأ حقائبها بالسلع الفاخرة.

بينما تكون مهمة الأعضاء الذكور المشاركين "المراقبة وإدارة العمليات من مسافة آمنة".


متعلق: عصابات إجرامية منظمة تتاجر بالنساء والأطفال من أوروبا الشرقية في المملكة المتحدة بغرض السرقة من المتاجر


"وعود بتأمين عمل" وسيلة استقطاب الضحايا

وفقًا للوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة (NAC)، وهي وكالة إنفاذ القانون في المملكة المتحدة التي تركز على الجريمة المنظمة، فإن المواطنين البريطانيين هم أكثر الضحايا شيوعًا في المملكة المتحدة للعبودية الحديثة والاتجار بالبشر.

كما أن المواطنين الألبان والفيتناميين والرومانيين والهنود - والعديد منهم موجودون في المملكة المتحدة بدون وثائق أو تجاوزوا مدة تأشيراتهم - هم أيضًا على رأس قائمة أولئك الذين من المحتمل أن يقعوا فريسة لمثل هذه العصابات الإجرامية المنظمة.

إذ يتم اختيار النساء والأطفال، وخاصة أولئك الذين تجندهم الجماعات الإجرامية في أوروبا الشرقية، لتنفيذ هذه الجرائم لأنه يُعتقد أن موظفي الأمن والمتاجر لا يشتبهون بأنهم يرتكبون أنشطة إجرامية.

بينما حددت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة 7,936 ضحية محتملة للاتجار والاستغلال في المملكة المتحدة في عام 2023، ما يمثل زيادة بنسبة 10.3% عن العام السابق.

وذكرت NAC أنه على الرغم من أن الزيادة تمثل على الأرجح تحسنًا في الوعي والإبلاغ عن العبودية الحديثة، إلا أن العدد الفعلي للحالات لا يزال أقل من المبلغ عنه.

وفقًا لتقرير مجلس العموم البريطاني لعام 2023 حول حالة الاتجار بالبشر في المملكة المتحدة، ورد أن هناك العديد من النساء الرومانيات من بين أولئك الذين تم إغراؤهم بالقدوم إلى المملكة المتحدة، عادةً مع وعد بالعمل، بينما يعد وجود العديد من المجتمعات الرومانية في المملكة المتحدة عاملًا جاذبًا آخر، حيث يعتقد البعض أن ذلك قد يساعدهم على الاندماج.

ولفت تقرير مجلس العموم إلى أن رومانيا، إلى جانب دول أوروبا الشرقية الأخرى، لديها مستويات أجور منخفضة، وانتشار الفقر، ومحدودية الوصول إلى التعليم العالي والدعم الحكومي. ويقدر الحد الأدنى للأجور الشهري في رومانيا بـ 60 يورو. في حين أشار التقرير أيضًا بناءً على مقابلات مع ناجين من الاتجار بالبشر، إلى أن معظم الناجين قالوا إنه على الرغم من تجاربهم المروعة، فإن أكثر من نصفهم ما زالوا يرغبون في العودة إلى المملكة المتحدة بسبب ارتفاع أجورها، وتحسين إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية، والمعاملة الأفضل من قبل السلطات.

"حياة رهيبة"

بدوره لفت ضابط الشرطة السابق راتكليف إلى إن أولئك الذين أُجبروا على ارتكاب الجرائم غالبًا ما يكونون بحالة سيئة جدًا، ويتحملون عبء المخاطر بينما لا يحصلون على مكافأة تذكر، وأضاف: "إنها حياة فظيعة بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، فهم ضعفاء وتم استغلالهم".

ووصف راتكليف لـBBC حياة الضحايا قائلًا: "حياتهم مروعة. إنهم يعيشون في منازل مشتركة، 30 أو 40 منهم يتواجدون بالمكان في وقتٍ واحد، وينامون على مراتب في غرف قذرة، ويتم استغلالهم وسوء معاملتهم كمجرمين".


قد يهمك | نهب منظم: المملكة المتحدة في قبضة وباء سرقة المتاجر، كما يقول أصحاب المتاجر - تقرير الغارديان


خسارة التجزئة بسبب سرقة المتاجر

من جانبه يقدر اتحاد التجزئة البريطاني (BRC)، وهو اتحاد تجاري يمثل تجار التجزئة في المملكة المتحدة، أن أنشطة السرقة من المتاجر كلفت تجار التجزئة 953 مليون جنيه إسترليني في العام الماضي، وهو يقترب من المليار يورو.

بينما كشفت بيانات BRC أن حوادث السرقة زادت بنسبة 27% في عشر من أكبر المدن في المملكة المتحدة، بينما سجلت في مدن أخرى ارتفاعًا وصل إلى 68%.

كذلك تشير الإحصائيات إلى أن الشرطة سجلت ما يقرب من 342.343 حادثة سرقة من المتاجر في إنجلترا وويلز في عامي 2022 و2023، على الرغم من أن العدد الفعلي من المقدر أن يكون أعلى بكثير.

وبحسب منظمة تجار التجزئة ضد الجريمة (RAC) "في أكثر الأحيان، ترتبط [السرقة من المتاجر] بالجريمة الخطيرة والمنظمة... وبمجموعات الجريمة المنظمة التي تسافر في جميع أنحاء البلاد. يجب أن يكون هناك تغيير في الطريقة التي يُنظر بها إلى جرائم البيع بالتجزئة - ولا سيما السرقة من المتاجر- ويجب ببساطة أن يتم التوقف عن التستر على هذه الجرائم وتصويرها على أنها جرائم صغيرة".