تتمسك وزيرة الخزانة رايتشل ريفز بسردها القائل إن التركة التي تتعامل معها الحكومة العمالية هي الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية (غيتي) أندرو ...
تتمسك وزيرة الخزانة رايتشل ريفز بسردها القائل إن التركة التي تتعامل معها الحكومة العمالية هي الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية (غيتي) |
أندرو غرايس - كاتب سياسي | The Independent©
روتين متوقع يتبع إصدار كل إحصاء اقتصادي في بريطانيا: بغض النظر عن الأرقام، يشكو وزراء حزب العمال من التركة الاقتصادية للحكومة السابقة، بينما يصر المحافظون على أنهم أورثوهم اقتصاداً في طريقه نحو التعافي.
يأتي الأداء الحالي بعدما أظهرت أرقام رسمية جاءت أسوأ مما هو متوقع أن الحكومة اقترضت 3.1 مليار جنيه استرليني (4.1 مليار دولار) الشهر الماضي، مما يمثل زيادة مقدارها 1.8 مليار جنيه مقارنة بيوليو (تموز) من العام الماضي، وأكبر اقتراض في الشهر السابع من العام منذ عام 2021. وحتى الآن تجاوز الإنفاق الحكومي في هذه السنة الخزانة توقعات مكتب مسؤولية الميزانية (OBR)، الصادرة في مارس (آذار)، وذلك بواقع 4.7 مليار جنيه.
كما كان متوقعاً، استغل وزراء الخزانة [الوزيرة ريفز والوزراء المساعدون] هذا الأمر كدليل إضافي على "التركة الرهيبة" التي ورثها حزب العمال. ومع ذلك، يمكن للمحافظين تسليط الضوء على النمو الأقوى من المتوقع الذي تحقق في عهدهم وبنسبة 0.6 في المئة في الربع الثاني.
تبدو [وزيرة الخزانة رايتشل] ريفز غير نادمة: هي تتمسك بسردها القائل إن التركة التي تتعامل معها الحكومة العمالية هي الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، وتصر على أن الأرقام الأفضل قليلاً الصادرة بعد الانتخابات لن تملأ الفجوة في المالية العامة والبالغة 22 مليار جنيه الذي حددته الشهر الماضي.
يثير سردها هذا غضب سلفها جيريمي هانت، الذي يصر على أنه ترك الاقتصاد في حالة جيدة. قيل لي إن هانت قال سراً قبل الانتخابات إن ريفز ستكون وزيرة خزانة جيدة – وهو رأي لا يؤمن به الآن، إذ صدمته ما يعتبرها محاولة لإلقاء اللوم على المحافظين في الزيادات الضريبية التي يخطط لها حزب العمال منذ البداية. لقد تحول الاحترام المتبادل إلى عداء صريح – الصورة المعاكسة لتحول ريشي سوناك وكير ستارمر من العداء خلال الانتخابات إلى تبادل المجاملات الآن.
من ناحية فإن كل من ريفز وهانت على حق، فالاقتصاد ينمو بوتيرة أسرع من المتوقع. إذا تم حساب النمو الذي شهدناه في الربعين الأول والثاني من هذا العام بما يقابلهما من العام الماضي، يتبين وجود نمو جيد بمعدل 2.5 في المئة، وهو الهدف الطموح الذي حددته ريفز وكير ستارمر لنفسيهما. (ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذه الوتيرة قد لا تستمر طوال العام).
ومع ذلك، فإن ريفز محقة أيضاً في تسليط الضوء على الحالة المزرية للمالية العامة، إذ تدعم أرقام الاقتراض اليوم حجتها. وأشار معهد الدراسات المالية إلى أن "العلامات المبكرة تشير إلى أن أرقام النمو الأفضل من المتوقع لن تكون كافية لتجنيب رايتشل ريفز خيارات صعبة في موازنتها الأولى المقرر صدورها في الـ30 من أكتوبر (تشرين الأول)".
من المرجح أن تظل وزيرة الخزانة في حاجة إلى زيادات ضريبية، لكن أمامها معضلة تتعلق بكيفية القيام بذلك، ويأمل بعض النواب العماليين في أن تزيد الوزيرة ضريبة الدخل على الخاضعين إلى المعدل الأعلى البالغ 45 بنساً للجنية [45 في المئة]. لكن الخطوة من شأنها أن تنتهك بيان حزب العمال الانتخابي، الذي وعد بعدم زيادة ضريبة الدخل أو قسط التأمين الوطني أو ضريبة القيمة المضافة، لن تتحمل ريفز وستارمر ذلك، من المؤكد أن آمال حزب العمال في استعادة ثقة الجمهور في العمل السياسي ستتحطم.
تتبع ريفز كتاب القواعد الذي وضعه غوردون براون، كانت الوزيرة تضع صورة مؤطرة له في غرفتها في الجامعة. عام 1997، تمسك وزير الخزانة آنذاك بوعد بيان حزب العمال الانتخابي بالحفاظ على خطط حزب المحافظين الإنفاقية لسنتين. وقال الوزير العمالي السابق، جاك سترو، في مقابلة أجرتها معه "هيئة الإذاعة البريطانية الرابعة" (بي بي سي 4) الأسبوع الماضي، إن جون ميجور، رئيس الوزراء المنتهية ولايته وقتذاك، أخبره أن حزب العمال "سخيف" لأن المحافظين لو فازوا في الانتخابات "فسيتخلون عن هذه الخطط".
لذلك من المحتمل أن تختار ريفز عدداً من الزيادات المحدودة، في ضرائب مثل ضريبة الأرباح الرأسمالية و/ أو ضريبة الإرث، بدلاً من خرق البيان الانتخابي، وعلى غرار براون ستلتزم إلى حد كبير بإنفاق إجمالي غير واقعي على مدى السنوات القليلة المقبلة.
على رغم أن بيان حزب العمال وصف قواعد المالية العامة المتبعة من وزيرة الخزانة بأنها "غير قابلة للتفاوض"، يخبرني مطلعون بأنها تتعرض منذ ما قبل الانتخابات إلى إغراء إعادة تعريف كيفية قياس الديون لاستبعاد أي دور لبنك إنجلترا. ويمكن لهذه الخطوة أن تمنحها هامشاً إضافياً يساوي 16 مليار جنيه. قد يتهمها محللون مستقلون مثل مؤسسة دراسات المالية العامة بتعديل مستهدفات المالية العامة، لكن عدداً من وزراء الخزانة عدلوا قواعدهم حين واجهوا خطر عدم الوفاء بها.
لن تعني مراجعة ريفز الصارمة للإنفاق الإداري استجابة فورية للصخب المتزايد من أعضاء حزب العمال لإنهاء العمل بالسقف المكروه لاستحقاقات الأسر ذات الطفلين على صعيد الائتمان الشامل [معونة تمنح شهرياً إلى أصحاب الدخل المنخفض أو العاطلين عن العمل لمساعدتهم في تحمل تكاليف معيشتهم]. ذلك أن الخطوة ستنتظر صدور النتيجة التي ستتمخض عنها مراجعة فقر الأطفال وهي مراجعة لن تختتم حتى الربيع المقبل.
في التمسك إلى حد كبير بخطط المحافظين التي وصفها مكتب مسؤولية الميزانية بأنها أكثر من "عمل خيالي"، تخاطر ريفز بتكرار أخطاء المحافظين من خلال خفض الإنفاق الرأسمالي في مجالات مثل مشاريع البنية التحتية لحماية الإنفاق اليومي على الخدمات العامة. وهذا من شأنه أن يقتل الأوزة التي تبيض ذهباً من خلال تقويض الأولوية الأولى للحكومة المتمثلة في تعزيز النمو، ومما ينذر بالسوء أن الوزيرة وضعت بالفعل بعض البرامج الخاصة بتطوير الطرق والسكك الحديد على الرف.
يتعين على ريفز أن تعيد كتابة قواعدها للسماح بزيادة الاقتراض من أجل الاستثمار. وكما كتب تورستن بيل، الرئيس السابق لمؤسسة القرار الذي أصبح الآن عضواً في البرلمان ومساعداً وزارياً، في كتابه "بريطانيا العظمى؟"، تملك قواعد المالية العامة المصممة لثني المسؤولين عن الإفراط في الاقتراض "أثراً معاكساً عندما يتعلق الأمر بالاستثمار" لأنها تتعامل مع بناء بيت بلدي جديد مثلما تتعامل مع الإنفاق اليومي على أشياء تشمل أجور المعلمين، ومع "تطوير بنية تحتية أفضل للنقل مثلما تتعامل مع حرق الأموال في الشارع".
يجب على ريفز أيضاً أن تستمع إلى السياسية التي وصفت في وقت سابق من هذا العام دورة الاستثمار الرأسمالي المتقطعة بأنها "المرض البريطاني الجديد". من هي هذه السياسية؟ ريفز نفسها.
COMMENTS