في نيلسون، يرى بعض السكان أن البلدة أصبحت بالفعل "وادي الغرباء"، في إشارة إلى وادي بندل الذي بُنيت عليه.
تقرير حصري لصحيفة ديلي ميل.
نُشر في مايو/أيار 2025. بقلم فيفيك تشودري.
ترجمة: مدونة الحياة في المملكة المتحدة.
يعترف «طارق حسين» بأنه لم يكن يعلم شيئًا عن خطط «كير ستارمر» للتشدد في قضايا الهجرة، ويرجع ذلك أساسًا إلى انشغاله مؤخرًا بأمور يعتبرها أكثر إلحاحًا.
فوظيفته اليومية في بيع الملابس النسائية الآسيوية التقليدية تستهلك قدرًا كبيرًا من وقته، كما أن حركة البيع بطيئة.
وعندما يعود إلى المنزل، ينشغل بالاتصال بأقاربه وأصدقائه في باكستان للاطمئنان على سلامتهم في ظل التوترات الأخيرة بين بلادهم والهند المجاورة، والتي كادت تؤدي إلى اندلاع حرب.
وعندما يعود إلى المنزل، ينشغل بالاتصال بأقاربه وأصدقائه في باكستان للاطمئنان على سلامتهم في ظل التوترات الأخيرة بين بلادهم والهند المجاورة، والتي كادت تؤدي إلى اندلاع حرب.
لكن هناك سببًا آخر أكثر إزعاجًا لكون السيد حسين لم يكن على دراية تامة بتعهد السير كير بإصلاح نظام الهجرة "المعطوب"، رغم أن هذا قد يؤثر عليه وعلى أسرته بشكل مباشر.
ففي حديثه بلغته الأم البنجابية، اعترف قائلًا: "لا أتحدث الإنجليزية إلا قليلًا رغم أنني أعيش في هذا البلد منذ فترة طويلة. لا أشاهد الأخبار البريطانية لأنني لا أفهمها، فما الفائدة إذًا؟"
وأضاف: "كل عملي يدور مع أشخاص باكستانيين، وأصدقائي كلهم باكستانيون، لذلك لا أحتاج إلى التحدث بالإنجليزية. وإن احتجت، أطلب المساعدة من أحد."
وقد أشار ضاحكًا، بإنجليزية متكسّرة، إلى أن سبب ضعفه في اللغة قد يعود إلى عدم حصوله على تعليم رسمي في باكستان، حيث قال: "لا معرفة بدون كلية."
لكن السيد حسين (57 عامًا) ليس وحده في بلدة نيلسون Nelson في لانكشاير Lancashire، التي يعتبرها موطنه منذ 20 عامًا.
كانت نيلسون مشهورة في السابق بصناعة النسيج ومصانع الحلويات، وازدهرت خلال الثورة الصناعية بفضل موقعها الاستراتيجي قرب قناة ليدز Leeds وليفربول Liverpool.
أما اليوم، فهي معروفة بشيء مختلف تمامًا – إذ تُظهر الأرقام أن مجلس بلدية بندل Pendle، الذي تتبع له البلدة، هو الأعلى في المملكة المتحدة من حيث نسبة السكان الذين لا يتحدثون الإنجليزية جيدًا أو لا يتحدثونها إطلاقًا.
وقد أظهرت بيانات التعداد أن 10.5% من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 3 أعوام في مدينة ليستر لا يتحدثون الإنجليزية جيدًا أو إطلاقًا – وهي أعلى نسبة في البلاد.
وسُجلت نسب مماثلة في أحياء لندن مثل نيوهام (9.4%)، برنت (8.5%)، وهارينغي (8.2%). لكن هذا التحليل، الذي شمل جميع المجالس المحلية في إنجلترا وويلز، احتسب جميع السكان بمن فيهم من كانت الإنجليزية لغتهم الأم. وعند النظر فقط إلى السكان الذين ليست الإنجليزية لغتهم الأساسية، تصدّرت بندل Pendle القائمة.
فقد أظهرت الإحصاءات أن حوالي 38% من هذه الفئة (التي تتجاوز أعمارها 3 أعوام) في منطقة لانكشاير يتحدثون الإنجليزية بشكل ضعيف أو لا يتحدثونها على الإطلاق – وغالبية هؤلاء يعيشون في نيلسون.
وفي بعض الأحياء وسط المدينة، التي تتكون من صفوف من المنازل الفيكتورية المتلاصقة ويسكنها غالبًا أشخاص من أصل باكستاني، تصل نسبة السكان الذين لا يجيدون الإنجليزية إلى 20%.
لقد أصبحت هذه البلدة الصناعية السابقة نموذجًا مصغرًا للنقاش الوطني المشتعل حول الهجرة، والذي أصبحت فيه اللغة الإنجليزية محورًا رئيسيًا.
وقد ألمح حزب العمال إلى نيته رفع متطلبات اللغة الإنجليزية في جميع مسارات الهجرة إلى المملكة المتحدة في محاولة لتعزيز الاندماج، حيث حذّر السير كير من أن بريطانيا قد تتحول إلى "جزيرة غرباء".
لكن في نيلسون، يرى بعض السكان أن البلدة أصبحت بالفعل "وادي الغرباء"، في إشارة إلى وادي بندل الذي بُنيت عليه.
بدأ وصول الباكستانيين إلى نيلسون في خمسينيات وستينيات القرن الماضي عندما كان أصحاب المصانع يجندون العمال من باكستان لتعويض نقص اليد العاملة.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت البلدة تغيرات ديموغرافية هائلة. ففي تعداد عام 2011، كان 57.8% من السكان من البيض و40.4% آسيويين، ومعظمهم من أصول باكستانية.
لكن في تعداد 2021، أصبحت نسبة السكان البيض 43%، فيما ارتفعت نسبة الآسيويين إلى 52.6%، مما يجعل من نيلسون – التي يبلغ عدد سكانها حوالي 33,000 نسمة – بلدة بريطانية باكستانية مسلمة.
وقد غادر العديد من السكان البيض إلى مناطق مجاورة أو انتقلوا إلى منطقة مارسدن، الواقعة على تلة تطل على وسط نيلسون. وقد أدت الطرق الرئيسية التي تقطع البلدة إلى تقسيمها فعليًا على أسس عرقية.
وإذا قمت بجولة في وسط نيلسون المخصص للمشاة، ستسمع صوت اللغتين البنجابية والأردية يملأ الأجواء، إلى جانب لغات وافدين جدد آخرين مثل الدارية، الكردية، العربية، الرومانية، والألبانية، على سبيل المثال لا الحصر.
زافر علي (65 عامًا)، الذي انتقل إلى نيلسون عام 1968، كان يهرول نحو مطعم "لازيز غريل" لتناول غدائه، وصرخ بلهجة لانكشاير قوية: "الوافدون الجدد من باكستان ودول أخرى لا يبذلون جهدًا كبيرًا لتعلم الإنجليزية أو التحدث بها، لكن الأمر لم يكن كذلك في زمننا."
وأضاف: "عملت في المصانع طوال حياتي، وبعد أن أغلقت، واصلت العمل. بالطبع، اللغة الإنجليزية مهمة. لكن نظام الهجرة فاسد لدرجة أنهم يسمحون لأي شخص بالدخول، ولا تهتم أي حكومة إذا كان الناس يندمجون أو يعملون. كل شيء خاطئ."
ويقدّم المطعم الشعبي مأكولات باكستانية تقليدية مثل السمك بالماسالا وكباب شبلي المصنوع من اللحم المفروم. وبينما كان الزبائن يتناولون الطعام، قال السيد علي مازحًا: "إذا كنت تحب الكاري أو الكباب، فنيلسون هي المكان المناسب لك."
لكن الحانة المجاورة "لورد نيلسون" كانت بعيدة عن أي نشاط تجاري مزدهر، وهو ما اعتبرته السيدة «سامانثا باريت»، صاحبة الحانة، مجرد "عمل كالمعتاد."
فقد جلس خمسة زبائن دائمين حول البار المتداعي وهم يحتسون الجعة التي يبلغ ثمن الكوب منها 2.25 جنيهًا إسترلينيًا، بينما كانت أغنية من ثمانينيات القرن الماضي تُعزف في الخلفية. الطلاء المتقشر على الجدران كشف عن طبقات متعددة من الألوان، ما يشير إلى أن "لورد نيلسون" قد شهد أيامًا أفضل. وكانت الأجواء الكئيبة تعكس إلى حد ما التحديات الأوسع التي تواجهها البلدة.
تُعد الحانة واحدة من اثنتين فقط لا تزالان تعملان في نيلسون، بعدما كانت هناك 13 في السابق. وللتأكيد على التغييرات السكانية الجذرية، هناك 19 مسجدًا في نطاق 20 دقيقة سيرًا على الأقدام من بعضها البعض.
قالت السيدة باريت (39 عامًا)، والتي عاشت في نيلسون طوال حياتها: "الوضع سيئ دائمًا، لكننا حانة في بلدة يغلب عليها الطابع الإسلامي، لذلك لن يكون الحال جيدًا أبدًا. كانت نيلسون مكانًا مزدحمًا ومليئًا بالحياة، لكن بصراحة، لا يوجد اختلاط بين المجتمعات."
وأضافت أنها نادرًا ما تستقبل أكثر من ستة أو سبعة زبائن في الحانة في أي وقت، ولا تملك سوى زبون آسيوي واحد من أصل هندي. وفي أفضل الأيام، تكون محظوظة إن حققت 500 جنيه.
أما الزبونة الدائمة «سام بولر»، التي عاشت في نيلسون لأكثر من 40 عامًا، فكانت أكثر حدة، حيث قالت غاضبة: "نيلسون مكان مزرٍ. لا يوجد مجتمع هنا لأن الناس لا يتحدثون مع بعضهم، وأعني هذا حرفيًا."
وأثناء وقوفها في الخارج تدخن سيجارة، كان دولاب نسج يبلغ ارتفاعه 12 مترًا يلقي بظله الطويل على ساحة البلدة. وقد تم نصبه كرمز لتراث نيلسون في صناعة النسيج، ويُطلق عليه السكان المحليون ساخرًا "عمود نيلسون." لكن بخلافه، لم يتبق الكثير من مظاهر مجد المدينة السابق.
وتجاور المحلات التجارية الخالية متاجر صغيرة مستقلة بلافتات قديمة تعرض بضائع موجهة غالبًا للزبائن الآسيويين.
ويعرض أحد وكلاء العقارات المحليين عقارات للإيجار في وسط نيلسون بأسعار تعكس حجم التدهور والإهمال؛ فشقة من غرفتين للإيجار تكلف حوالي 450 جنيهًا شهريًا، بينما يمكن شراء بعض المنازل بحوالي 20,000 جنيه فقط. كما أن نيلسون مصنفة ضمن أكثر 10%من المناطق حرمانًا في إنجلترا.
وكانت نساء محجبات يتجهن إلى سوق "سوراج بازار" الذي يضم عشرات المتاجر التي تبيع مجموعة واسعة من ملابس الشلوار القميص اللامعة، والمجوهرات التقليدية المزخرفة، والأقمشة الزاهية الملونة. أما مركز التسوق الرئيسي في البلدة، والمقابل له، والذي كان يضم في السابق متاجر بريطانية مشهورة، فقد تم تخصيصه للهدم.
كان أزهر، وهو مسؤول في أحد المساجد المحلية ومنظم مجتمعي، يجلس في مقهى محلي يرتشف شاي الكرك الساخن – مشروب غني بالحليب ومجموعة من التوابل.
وقد أصر على عدم ذكر اسمه الحقيقي لأنه لا يريد إهانة أي شخص أثناء محاولته شرح أسباب ضعف مهارات اللغة الإنجليزية لدى الكثير من أبناء مجتمعه.
وبالنسبة لأزهر، وهو باكستاني بريطاني من الجيل الرابع، فالمشكلة تكمن في مجموعات معينة، وليس في أشخاص مثله.
قال: "العديد من نسائنا لا يتحدثن الإنجليزية لأنهن لا يعملن. وفي السنوات الأخيرة، استقر في نيلسون الكثير من الباكستانيين القادمين من دول أوروبية لأنهم يشعرون براحة أكبر هنا. قد لا يتحدثون الإنجليزية، لكنهم يجيدون الإيطالية أو الإسبانية."
وأضاف: "كما استقر هنا عدد كبير من طالبي اللجوء، وأيضًا أشخاص من أوروبا الشرقية. كل هذه المجموعات رفعت أرقام الأشخاص الذين لا يجيدون الإنجليزية. أعمل مع جميعهم، لذلك عليّ أن أكون حذرًا فيما أقول."
وكان طالب اللجوء الأفغاني «أوميد إحساني» واقفًا خارج محل الحلاقة "مو"، وهو يمسك كتابًا لتعلم اللغة الإنجليزية بيده، بعد أن أنهى لتوه حصة اللغة الأسبوعية.
وقد وصل إلى نيلسون قبل شهرين فقط بعد وصوله إلى المملكة المتحدة عبر قارب صغير، وقال إنه يحلم بأن يصبح ملاكمًا محترفًا يومًا ما.
وتحدث من خلال صديقه طالب اللجوء، الذي يعيش في البلدة منذ ستة أشهر ويتقن الإنجليزية أكثر منه، قائلاً: "أرغب أن أكون طليقًا في الإنجليزية يومًا ما، لكن في الوقت الحالي لا يمكنني الحديث إلا مع أبناء وطني من الأفغان."
أما أربعة متقاعدين من أصل باكستاني، كانوا جالسين على مقعد تحت أشعة الشمس بعد الظهر، فقد أعربوا عن بعض القلق بشأن حال البلدة.
قال بشارات أحمد (72 عامًا)، الذي أمضى حياته في العمل بالمصنع ثم كسائق حافلة بعد إغلاقه: "نيلسون مكان رائع، لكنها أصبحت بلا شك أكثر انقسامًا على مر السنين، والكثير من ذلك بسبب الوافدين الجدد الذين لا يجيدون الإنجليزية."
لكن بالنسبة لإحدى الوافدات الجدد، كانت الحياة في نيلسون ممتعة على نحو مفاجئ، رغم مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية.
فقد وصلت بليغة شافي (24 عامًا) من باكستان في عام 2023 بعد زواجها من «عزمت شافي»، أحد أبناء البلدة، واعترفت بأنها شعرت بالصدمة في البداية مما رأته.
قالت: "لم أصدق أن هناك أناسًا يعيشون هنا لا يتحدثون الإنجليزية إطلاقًا. قبل أن آتي، التحقت بدورة لتعلم اللغة الإنجليزية، وأنا الآن أبذل قصارى جهدي لتحسين لغتي لأنها أصبحت بلدي."
وأضافت: "أنا أحب نيلسون والعيش في إنجلترا، خاصة الطعام. أحب السمك والبطاطس وفطائر الجبن والبصل."
كانت نيلسون مشهورة في السابق بصناعة النسيج ومصانع الحلويات، وازدهرت خلال الثورة الصناعية بفضل موقعها الاستراتيجي قرب قناة ليدز Leeds وليفربول Liverpool.
أما اليوم، فهي معروفة بشيء مختلف تمامًا – إذ تُظهر الأرقام أن مجلس بلدية بندل Pendle، الذي تتبع له البلدة، هو الأعلى في المملكة المتحدة من حيث نسبة السكان الذين لا يتحدثون الإنجليزية جيدًا أو لا يتحدثونها إطلاقًا.
وقد أظهرت بيانات التعداد أن 10.5% من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 3 أعوام في مدينة ليستر لا يتحدثون الإنجليزية جيدًا أو إطلاقًا – وهي أعلى نسبة في البلاد.
وسُجلت نسب مماثلة في أحياء لندن مثل نيوهام (9.4%)، برنت (8.5%)، وهارينغي (8.2%). لكن هذا التحليل، الذي شمل جميع المجالس المحلية في إنجلترا وويلز، احتسب جميع السكان بمن فيهم من كانت الإنجليزية لغتهم الأم. وعند النظر فقط إلى السكان الذين ليست الإنجليزية لغتهم الأساسية، تصدّرت بندل Pendle القائمة.
فقد أظهرت الإحصاءات أن حوالي 38% من هذه الفئة (التي تتجاوز أعمارها 3 أعوام) في منطقة لانكشاير يتحدثون الإنجليزية بشكل ضعيف أو لا يتحدثونها على الإطلاق – وغالبية هؤلاء يعيشون في نيلسون.
وفي بعض الأحياء وسط المدينة، التي تتكون من صفوف من المنازل الفيكتورية المتلاصقة ويسكنها غالبًا أشخاص من أصل باكستاني، تصل نسبة السكان الذين لا يجيدون الإنجليزية إلى 20%.
لقد أصبحت هذه البلدة الصناعية السابقة نموذجًا مصغرًا للنقاش الوطني المشتعل حول الهجرة، والذي أصبحت فيه اللغة الإنجليزية محورًا رئيسيًا.
وقد ألمح حزب العمال إلى نيته رفع متطلبات اللغة الإنجليزية في جميع مسارات الهجرة إلى المملكة المتحدة في محاولة لتعزيز الاندماج، حيث حذّر السير كير من أن بريطانيا قد تتحول إلى "جزيرة غرباء".
لكن في نيلسون، يرى بعض السكان أن البلدة أصبحت بالفعل "وادي الغرباء"، في إشارة إلى وادي بندل الذي بُنيت عليه.
بدأ وصول الباكستانيين إلى نيلسون في خمسينيات وستينيات القرن الماضي عندما كان أصحاب المصانع يجندون العمال من باكستان لتعويض نقص اليد العاملة.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت البلدة تغيرات ديموغرافية هائلة. ففي تعداد عام 2011، كان 57.8% من السكان من البيض و40.4% آسيويين، ومعظمهم من أصول باكستانية.
لكن في تعداد 2021، أصبحت نسبة السكان البيض 43%، فيما ارتفعت نسبة الآسيويين إلى 52.6%، مما يجعل من نيلسون – التي يبلغ عدد سكانها حوالي 33,000 نسمة – بلدة بريطانية باكستانية مسلمة.
وقد غادر العديد من السكان البيض إلى مناطق مجاورة أو انتقلوا إلى منطقة مارسدن، الواقعة على تلة تطل على وسط نيلسون. وقد أدت الطرق الرئيسية التي تقطع البلدة إلى تقسيمها فعليًا على أسس عرقية.
وإذا قمت بجولة في وسط نيلسون المخصص للمشاة، ستسمع صوت اللغتين البنجابية والأردية يملأ الأجواء، إلى جانب لغات وافدين جدد آخرين مثل الدارية، الكردية، العربية، الرومانية، والألبانية، على سبيل المثال لا الحصر.
زافر علي (65 عامًا)، الذي انتقل إلى نيلسون عام 1968، كان يهرول نحو مطعم "لازيز غريل" لتناول غدائه، وصرخ بلهجة لانكشاير قوية: "الوافدون الجدد من باكستان ودول أخرى لا يبذلون جهدًا كبيرًا لتعلم الإنجليزية أو التحدث بها، لكن الأمر لم يكن كذلك في زمننا."
وأضاف: "عملت في المصانع طوال حياتي، وبعد أن أغلقت، واصلت العمل. بالطبع، اللغة الإنجليزية مهمة. لكن نظام الهجرة فاسد لدرجة أنهم يسمحون لأي شخص بالدخول، ولا تهتم أي حكومة إذا كان الناس يندمجون أو يعملون. كل شيء خاطئ."
ويقدّم المطعم الشعبي مأكولات باكستانية تقليدية مثل السمك بالماسالا وكباب شبلي المصنوع من اللحم المفروم. وبينما كان الزبائن يتناولون الطعام، قال السيد علي مازحًا: "إذا كنت تحب الكاري أو الكباب، فنيلسون هي المكان المناسب لك."
لكن الحانة المجاورة "لورد نيلسون" كانت بعيدة عن أي نشاط تجاري مزدهر، وهو ما اعتبرته السيدة «سامانثا باريت»، صاحبة الحانة، مجرد "عمل كالمعتاد."
فقد جلس خمسة زبائن دائمين حول البار المتداعي وهم يحتسون الجعة التي يبلغ ثمن الكوب منها 2.25 جنيهًا إسترلينيًا، بينما كانت أغنية من ثمانينيات القرن الماضي تُعزف في الخلفية. الطلاء المتقشر على الجدران كشف عن طبقات متعددة من الألوان، ما يشير إلى أن "لورد نيلسون" قد شهد أيامًا أفضل. وكانت الأجواء الكئيبة تعكس إلى حد ما التحديات الأوسع التي تواجهها البلدة.
تُعد الحانة واحدة من اثنتين فقط لا تزالان تعملان في نيلسون، بعدما كانت هناك 13 في السابق. وللتأكيد على التغييرات السكانية الجذرية، هناك 19 مسجدًا في نطاق 20 دقيقة سيرًا على الأقدام من بعضها البعض.
قالت السيدة باريت (39 عامًا)، والتي عاشت في نيلسون طوال حياتها: "الوضع سيئ دائمًا، لكننا حانة في بلدة يغلب عليها الطابع الإسلامي، لذلك لن يكون الحال جيدًا أبدًا. كانت نيلسون مكانًا مزدحمًا ومليئًا بالحياة، لكن بصراحة، لا يوجد اختلاط بين المجتمعات."
وأضافت أنها نادرًا ما تستقبل أكثر من ستة أو سبعة زبائن في الحانة في أي وقت، ولا تملك سوى زبون آسيوي واحد من أصل هندي. وفي أفضل الأيام، تكون محظوظة إن حققت 500 جنيه.
أما الزبونة الدائمة «سام بولر»، التي عاشت في نيلسون لأكثر من 40 عامًا، فكانت أكثر حدة، حيث قالت غاضبة: "نيلسون مكان مزرٍ. لا يوجد مجتمع هنا لأن الناس لا يتحدثون مع بعضهم، وأعني هذا حرفيًا."
وأثناء وقوفها في الخارج تدخن سيجارة، كان دولاب نسج يبلغ ارتفاعه 12 مترًا يلقي بظله الطويل على ساحة البلدة. وقد تم نصبه كرمز لتراث نيلسون في صناعة النسيج، ويُطلق عليه السكان المحليون ساخرًا "عمود نيلسون." لكن بخلافه، لم يتبق الكثير من مظاهر مجد المدينة السابق.
وتجاور المحلات التجارية الخالية متاجر صغيرة مستقلة بلافتات قديمة تعرض بضائع موجهة غالبًا للزبائن الآسيويين.
ويعرض أحد وكلاء العقارات المحليين عقارات للإيجار في وسط نيلسون بأسعار تعكس حجم التدهور والإهمال؛ فشقة من غرفتين للإيجار تكلف حوالي 450 جنيهًا شهريًا، بينما يمكن شراء بعض المنازل بحوالي 20,000 جنيه فقط. كما أن نيلسون مصنفة ضمن أكثر 10%من المناطق حرمانًا في إنجلترا.
وكانت نساء محجبات يتجهن إلى سوق "سوراج بازار" الذي يضم عشرات المتاجر التي تبيع مجموعة واسعة من ملابس الشلوار القميص اللامعة، والمجوهرات التقليدية المزخرفة، والأقمشة الزاهية الملونة. أما مركز التسوق الرئيسي في البلدة، والمقابل له، والذي كان يضم في السابق متاجر بريطانية مشهورة، فقد تم تخصيصه للهدم.
كان أزهر، وهو مسؤول في أحد المساجد المحلية ومنظم مجتمعي، يجلس في مقهى محلي يرتشف شاي الكرك الساخن – مشروب غني بالحليب ومجموعة من التوابل.
وقد أصر على عدم ذكر اسمه الحقيقي لأنه لا يريد إهانة أي شخص أثناء محاولته شرح أسباب ضعف مهارات اللغة الإنجليزية لدى الكثير من أبناء مجتمعه.
وبالنسبة لأزهر، وهو باكستاني بريطاني من الجيل الرابع، فالمشكلة تكمن في مجموعات معينة، وليس في أشخاص مثله.
قال: "العديد من نسائنا لا يتحدثن الإنجليزية لأنهن لا يعملن. وفي السنوات الأخيرة، استقر في نيلسون الكثير من الباكستانيين القادمين من دول أوروبية لأنهم يشعرون براحة أكبر هنا. قد لا يتحدثون الإنجليزية، لكنهم يجيدون الإيطالية أو الإسبانية."
وأضاف: "كما استقر هنا عدد كبير من طالبي اللجوء، وأيضًا أشخاص من أوروبا الشرقية. كل هذه المجموعات رفعت أرقام الأشخاص الذين لا يجيدون الإنجليزية. أعمل مع جميعهم، لذلك عليّ أن أكون حذرًا فيما أقول."
وكان طالب اللجوء الأفغاني «أوميد إحساني» واقفًا خارج محل الحلاقة "مو"، وهو يمسك كتابًا لتعلم اللغة الإنجليزية بيده، بعد أن أنهى لتوه حصة اللغة الأسبوعية.
وقد وصل إلى نيلسون قبل شهرين فقط بعد وصوله إلى المملكة المتحدة عبر قارب صغير، وقال إنه يحلم بأن يصبح ملاكمًا محترفًا يومًا ما.
وتحدث من خلال صديقه طالب اللجوء، الذي يعيش في البلدة منذ ستة أشهر ويتقن الإنجليزية أكثر منه، قائلاً: "أرغب أن أكون طليقًا في الإنجليزية يومًا ما، لكن في الوقت الحالي لا يمكنني الحديث إلا مع أبناء وطني من الأفغان."
أما أربعة متقاعدين من أصل باكستاني، كانوا جالسين على مقعد تحت أشعة الشمس بعد الظهر، فقد أعربوا عن بعض القلق بشأن حال البلدة.
قال بشارات أحمد (72 عامًا)، الذي أمضى حياته في العمل بالمصنع ثم كسائق حافلة بعد إغلاقه: "نيلسون مكان رائع، لكنها أصبحت بلا شك أكثر انقسامًا على مر السنين، والكثير من ذلك بسبب الوافدين الجدد الذين لا يجيدون الإنجليزية."
لكن بالنسبة لإحدى الوافدات الجدد، كانت الحياة في نيلسون ممتعة على نحو مفاجئ، رغم مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية.
فقد وصلت بليغة شافي (24 عامًا) من باكستان في عام 2023 بعد زواجها من «عزمت شافي»، أحد أبناء البلدة، واعترفت بأنها شعرت بالصدمة في البداية مما رأته.
قالت: "لم أصدق أن هناك أناسًا يعيشون هنا لا يتحدثون الإنجليزية إطلاقًا. قبل أن آتي، التحقت بدورة لتعلم اللغة الإنجليزية، وأنا الآن أبذل قصارى جهدي لتحسين لغتي لأنها أصبحت بلدي."
وأضافت: "أنا أحب نيلسون والعيش في إنجلترا، خاصة الطعام. أحب السمك والبطاطس وفطائر الجبن والبصل."
COMMENTS