وبلغ صافي الهجرة من ديسمبر 2023 حتى الشهر نفسه من عام 2024 ما مجموعه 431 ألف شخص في تراجع من 860 ألف مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي سبق.
انخفض صافي الهجرة إلى المملكة المتحدة بنسبة تقارب 50% بحسب المجموعة الأولى من أرقام الهجرة الوافدة، منذ تولي حكومة حزب العمال السلطة بقيادة السير «كير ستارمر».
وتظهر الأرقام الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء أن الفارق بين الأشخاص الوافدين إلى المملكة المتحدة والمغادرين منها بلغ مجموعه 431 ألف شخص حتى شهر ديسمبر (كانون الأول) 2024، وهي أدنى نسبة منذ يونيو (حزيران) 2021.
وفي هذا السياق، قالت وزيرة الداخلية «إيفيت كوبر» إن هذا التراجع "مهم ومرحب به بعد أن بلغت الأعداد أربعة أضعاف تقريباً لتصل إلى نحو المليون" في ظل حكومة "المحافظين"، بيد أن وزير الداخلية في حكومة الظل «كريس فيليب» رد على هذا التصريح، معتبراً أن "الأرقام ما زالت مرتفعة للغاية ويجب أن تنخفض كثيراً بعد".
وفي حين أن الأعداد تغطي عموماً الفترة التي كان حزب "المحافظين" يتولى زمام السلطة خلالها، فهي تأتي وسط حملة جديدة يقوم بها حزب العمال لمواجهة الهجرة غير الشرعية.
وفي سياق متصل، قال سير كير بأنه يجب على المهاجرين "اكتساب الحق" للعيش في المملكة المتحدة كما كشف عن سلسلة تدابير تتضمن متطلبات أكثر صرامة للغة الإنجليزية، مما يجعل من الصعب على الناس الاستقرار فيها.
ما الذي تكشفه الأرقام عن الهجرة؟
مما لا شك فيه أن الإحصاءات المرتبطة بالهجرة ستكون بمثابة أخبار سارة للسير كير وحكومة حزب العمال، التي تعهدت بخفض أعداد الهجرة المتصاعدة، مع رفضها تحديد هدف لذلك بالأرقام.
وبلغ صافي الهجرة من ديسمبر/كانون الأول 2023 حتى الشهر نفسه من عام 2024 ما مجموعه 431 ألف شخص في تراجع من 860 ألف مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي سبق.
وبصورة عامة، بلغت الهجرة الوافدة الطويلة الأمد أي عندما ينتقل الأشخاص إلى مكان ما لأكثر من عام 948 ألف شخص، مسجلة انخفاضاً بنسبة 30% عن العام السابق.
وتظهر آخر الأرقام أن 86% من الأشخاص الوافدين إلى المملكة المتحدة يتحدرون من دول غير منضوية تحت الاتحاد الأوروبي، وهي نسبة لم تتغير مقارنة بالأرقام السابقة.
وفي هذا الإطار، يبلغ عدد المواطنين غير المنتمين إلى دول ضمن الاتحاد الأوروبي والذين ينتقلون إلى المملكة المتحدة ستة أضعاف عدد المواطنين الوافدين من الاتحاد الأوروبي، مع تسجيل أعلى عدد من الأشخاص الوافدين من الهند (156 ألف شخص) وباكستان (76 ألف شخص)، تتبعهما الصين ونيجيريا وأوكرانيا.
وتراجع عدد النيجيريين الوافدين إلى المملكة المتحدة بصورة ملحوظة خلال العام وصولاً إلى يونيو/حزيران 2024 وانخفض العدد من 120 ألف شخص إلى 52 ألفاً فقط خلال شهر ديسمبر/كانون الأول.
القوارب الصغيرة
لا يزال العدد الأكبر من المهاجرين غير الشرعيين الذي يصلون إلى المملكة المتحدة عبر القوارب الصغيرة يطرح إشكالية كبيرة للحكومة.
وتظهر أرقام منفصلة أصدرتها وزارة الداخلية بأن 11,800 شخص وصلوا في قوارب صغيرة خلال العام الحالي.
ونظراً إلى أن العدد أعلى بصورة ملحوظة من ذاك المسجل خلال الفترة ذاتها خلال الأعوام الأخيرة، فهذا يشير إلى أن عدد الوافدين بالقوارب الصغيرة قد يكون أعلى خلال عام 2025.
مع الإشارة إلى أن جزءاً معتبراً من المهاجرين الوافدين بالقوارب الصغيرة إلى المملكة المتحدة هم من إريتريا، إذ بلغ عددهم 1291 شخصاً بين شهري يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) وحسب.
ويشكل ذلك نحو خمس (19%) مجموع المهاجرين الوافدين خلال تلك الفترة بحسب بيانات وزارة الداخلية التي صدرت منذ يومين، وصولاً إلى مارس/آذار 2025.
وبحسب منظمة العفو الدولية، لا تزال الخدمة العسكرية في إريتريا إلزامية وغير محددة المدة للشباب الذين تراوح أعمارهم ما بين 18 و40 عاماً، في حين يعد طلب اللجوء في الخارج خيانة.
ومن بين الدول الأساس الأخرى التي يأتي منها مهاجرو القوارب الصغيرة تبرز أفغانستان والسودان وفيتنام وإيران.
أسباب الهجرة
أظهرت الأرقام أن عدد الأشخاص الوافدين إلى المملكة المتحدة بغرض الدراسة هو أعلى من عدد الذين يأتون للعمل.
وفي هذا السياق، انتقل نحو 266 ألف شخص إلى المملكة المتحدة لأسباب تتعلق بالدراسة خلال فترة العام والمنتهية خلال ديسمبر/كانون الأول 2024، مقارنة بـ262 ألف شخص قدموا للعمل.
ولكن شهد الرقمان تراجعاً مقارنة بالفترات السابقة.
وفي هذا الصدد، سجل عدد الأشخاص القادمين لطلب اللجوء أعلى مستوى، إذ بلغ 95 ألف شخص، مع وصول 51 ألفاً إضافياً إلى المملكة المتحدة لأسباب إنسانية.
واقترح رئيس الوزراء «كير ستارمر» أخيراً فكرة إنشاء "مراكز إعادة" خارج المملكة المتحدة لطالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم. ومن شأن ذلك تمكين إرسال طالبي اللجوء إلى دول أخرى لمعالجة طلباتهم قبل ترحيلهم. لم يعلن عن الدول التي يشملها هذا الطرح، إلا أن تقارير أفادت عن بروز دول البلقان كوجهات محتملة للسير بهذه الفكرة.
وفي هذا الإطار، دعمت وكالة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة فكرة مراكز الإعادة بعد أن لقيت "خطة رواندا" الفاشلة التي طرحها المحافظون انتقادات واسعة النطاق، على خلفية المخاوف المرتبطة بحقوق الإنسان.
COMMENTS