وشوهد شبان يرتدون ملابس سوداء ويغطون وجوههم فيما رُفعت أعلام بنغلاديش وفلسطين في مظاهرة جرت في الشوارع التي كان يفترض أن تمرّ بها مسيرة الحزب اليميني
خرج عشرات الشبان المسلمين المقنّعين اليوم إلى شوارع شرق لندن معلنين استعدادهم لـ«الدفاع عن مجتمعهم»، عقب قرار شرطة العاصمة البريطانية حظر مسيرة كان يعتزم حزب «يوكيب» (UKIP) تنظيمها تحت شعار «استعادة المنطقة».
وشوهد شبان يرتدون ملابس سوداء ويغطون وجوههم فيما رُفعت أعلام بنغلاديش وفلسطين في مظاهرة جرت في الشوارع التي كان يفترض أن تمرّ بها مسيرة الحزب اليميني.
وخاطب أحد المتظاهرين المشاركين في احتجاج «وايت تشابل» الحشود قائلاً عبر مكبر الصوت:
«لقد جاؤوا مستهدفين الإسلام تحديداً، قالوا إنهم قادمون في حملة صليبية، وإنهم يريدون استعادة الشوارع. نحن نقف بثبات لنؤكد أنه إذا جاؤوا، فسنكون على استعداد للدفاع عن كبارنا ونسائنا ومجتمعنا».
وأضاف: «لم نقل يوماً إننا ذاهبون إلى مناطقهم لإثارة المشاكل، هم من يأتون إلى بيوتنا. فما الخطأ في أن نقف بوجههم؟ اليوم هو يوم وحدتنا».
وكانت شرطة العاصمة قد فرضت، يوم الثلاثاء، قيوداً على المظاهرة التي دعا إليها «يوكيب»، ومنعت أنصاره من دخول حي «تاور هامليتس» الذي يضم جالية مسلمة كبيرة، خشية وقوع «اضطرابات خطيرة»، ووجّهتهم إلى منطقة «ماربل آرتش» وسط لندن.
وفي المقابل، سُمح للمتظاهرين اليساريين المناهضين للمسيرة بمواصلة احتجاجهم في «وايت تشابل» بشرط عدم التوجه إلى وسط لندن. غير أن أربعة منهم، يُعتقد أنهم من حركة «قفوا في وجه العنصرية» (Stand Up To Racism)، اعتُقلوا في «هايد بارك كورنر» بعد مخالفتهم أوامر الشرطة ومحاولتهم مواجهة أنصار الحزب.
وفي كنسينغتون، تجمع نحو 75 من مؤيدي «يوكيب» أمام كنيسة «لندن أوراتوري» قبل انطلاقهم في مسيرة نحو «ماربل آرتش»، حاملين أعلام الاتحاد البريطاني وصلباناً ولافتات كُتب عليها «الغزاة الإسلاميون غير مرحب بهم في بريطانيا».
وتقدّم المسيرة زعيم الحزب «نِك تينكوني»، حاملاً لافتة بالعبارة نفسها، فيما كان المشاركون يهتفون: «تحيا الأمة، الترحيل!» و«أعيدوهم إلى ديارهم!» و«من هو ملك بريطانيا؟ المسيح هو الملك!».
وردّ تينكوني على الاتهامات بالفاشية قائلاً إن أجداده فرّوا من إيطاليا الفاشية.
وشوهدت الإعلامية البريطانية «ناريندر كور» أثناء اقتيادها من قبل عناصر الشرطة بعد أن واجهت المتظاهرين اليمينيين، لتعلق لاحقاً على منصة «إكس» (تويتر سابقاً): «كانوا أكثر اهتماماً بي من نِك الصغير من يوكيب، حاولوا اعتقالي لكن الشرطة انتهى بها الأمر بحمايتي».
كما اشتكى أحد ضيوف حفل زفاف أُقيم بالقرب من المسيرة من «تعطيل كبير للمراسم»، قائلاً إن «العروس منهارة».
وقال أحد المشاركين في مظاهرة الحزب، مارتن بونتينغ (45 عاماً)، إن الهدف من المسيرة هو «إيصال رسالة واضحة»، مضيفاً: «نعيش في بلد من طبقتين. لماذا لم يُسمح لنا بالتظاهر في شرق لندن؟ لقد سئمنا».
وأشار أحد ضباط شرطة العاصمة إلى أن المشاركة كانت أقل من المتوقع، فيما اختُتمت المظاهرة بخطاب لتينكوني تحت قوس «ماربل آرتش»، دعا فيه إلى «حملة صليبية تاسعة» ضد الإسلاموية والشيوعية.
وخلال الخطاب، اندلع توتر بعد دخول رجل يرتدي كوفية فلسطينية إلى المكان، ما دفع الشرطة إلى التدخل السريع بعد مطاردته عبر شارع «أوكسفورد»، دون أن يتضح ما إذا كان من المتظاهرين المضادين أو دخل الموقع بالخطأ.
وكانت شرطة العاصمة قد منعت في وقت سابق تنظيم المظاهرة في حي «تاور هامليتس» بموجب «قانون النظام العام»، مشيرة إلى «احتمال واقعي لوقوع اضطرابات خطيرة».
ويأتي التحرك ضمن سلسلة فعاليات دعائية نظمها «يوكيب» تحت عنوان «جولة الترحيلات الجماعية»، دعا فيها المشاركين إلى «استعادة وايت تشابل من الإسلاميين»، وفقاً لما نشره الحزب عبر حسابه على منصة «إكس».
في المقابل، نظم نشطاء من حركة «قفوا في وجه العنصرية» وعدد من المجموعات المحلية مظاهرة مضادة في «وايت تشابل» منذ منتصف النهار. وقالت الشرطة إن «أربعة متظاهرين مضادين خالفوا الشروط المفروضة ورفضوا المغادرة فتم اعتقالهم».
وكان تينكوني قد كتب على «إكس» قبل المظاهرة: «سنواجه الشيوعيين في هايد بارك كورنر، وسنسير إلى ماربل آرتش حيث سألقي خطابي التاريخي. الإسلاميون والشيوعيون سيكونون في الخلفية غاضبين لأننا وقفنا أخيراً في وجههم. سيُقابلون بالشجاعة المسيحية، وهذه ستكون البداية فقط... الحملة الصليبية تبدأ».
وقال القائد «نيك جون»، المسؤول عن أمن التظاهرات في لندن، إن دور الشرطة هو «ضمان سلمية الاحتجاجات ومعالجة أي مخالفات ومنع تعطيل حياة السكان والزوار والأعمال التجارية»، مشيراً إلى أن «احتمال وقوع اضطرابات يزداد إذا اجتمعت مجموعات ذات مواقف متعارضة في أماكن قريبة خلال فترات توتر مرتفعة».
وأضاف أن تدخل الشرطة لنقل موقع المظاهرة «لم يكن حظراً كما وصفته بعض وسائل الإعلام، بل كان إجراءً وقائياً».
وشملت القيود المفروضة بموجب «قانون النظام العام» منع المتظاهرين من التجمع قبل الساعة الواحدة ظهراً أو بعد الرابعة والنصف مساءً.
وحذرت الشرطة المشاركين من مخالفة هذه الشروط، مؤكدة أن «كل من ينتهكها أو يحرض على مخالفتها قد يتعرض للاعتقال».
ورحبت الجالية اليهودية في لندن بقرار الشرطة فرض قيود على المسيرة، مشيدة بالخطوة في ظل تصاعد التوترات.
وتعيد هذه الأحداث إلى الأذهان «معركة شارع كابل» الشهيرة عام 1939، حين توحد اليهود والشيوعيون والنقابيون والمتظاهرون المناهضون للفاشية في «وايت تشابل» للتصدي للنازيين البريطانيين.
COMMENTS