اضطرابات في ضاحية دبلن بعد حادثة اغتصاب مزعومة لفتاة على يد طالب لجوء إفريقي

تحوّلت البلدة الصغيرة، التي لطالما عُرفت بطابعها الهادئ وأحيائها الخضراء وحاناتها التقليدية، إلى بؤرة غضب واحتجاج.

شهدت ضاحية ساغارت (Saggart) الواقعة في جنوب غرب العاصمة الأيرلندية دبلن اضطراباتٍ عنيفة خلال اليومين الماضيين، بعد اتهام مهاجر إفريقي يبلغ من العمر 26 عامًا باغتصاب فتاة أيرلندية في العاشرة من عمرها، في واقعة هزّت الرأي العام وأجّجت التوترات المتعلقة بأزمة المهاجرين في البلاد.

وتحوّلت البلدة الصغيرة، التي لطالما عُرفت بطابعها الهادئ وأحيائها الخضراء وحاناتها التقليدية، إلى بؤرة غضب واحتجاج بعد أن استُخدم فندق سيتي ويست (Citywest) الفاخر، وهو من أكبر فنادق أيرلندا، لإيواء نحو 2300 طالب لجوء – أي ما يعادل ثلث عدد سكان ساغارت البالغ نحو ستة آلاف نسمة.

مواجهات مع الشرطة واحتجاجات غاضبة

اندلعت أعمال شغب أمام الفندق مساء الثلاثاء والأربعاء، حيث حاول مئات المتظاهرين اقتحام المبنى، فيما واجهتهم الشرطة الأيرلندية (غاردا) باستخدام القوة لتفريقهم. وأفادت وسائل إعلام محلية بإصابة ثلاثة عناصر من الشرطة ونقلهم إلى المستشفى، بينما استخدم بعض المحتجين عربات تجرها الخيول لمهاجمة قوات الأمن.

وجاءت الاضطرابات بعد سلسلة من الحوادث المشابهة شهدتها مناطق أخرى في أيرلندا خلال الأشهر الماضية، على خلفية توترات متصاعدة بسبب ارتفاع أعداد طالبي اللجوء والمهاجرين المقيمين في مراكز الإيواء المؤقتة.

مخاوف محلية من “تغيّر النسيج الاجتماعي”

قالت «أماندا أديبا»، المتحدثة باسم مجموعة محلية تُدعى حماة ساغارت (Saggart Guardians)، إن “القرية أصبحت تضم أكبر فندق في أيرلندا ممتلئًا بطالبي اللجوء”، مضيفةً أن السكان لم يعترضوا في البداية على استقبال اللاجئين الأوكرانيين “لأنهم كانوا يفرون من الحرب”، لكنهم اليوم يشعرون بالقلق من وجود “آلاف الرجال العُزّاب غير الخاضعين للفحص، والمنتمين إلى ثقافات مختلفة جدًا عن ثقافتنا”.

وأوضحت أديبا أن السلوكيات المعادية للمجتمع – مثل الشرب في الأماكن العامة وتعاطي المخدرات – أصبحت “أمرًا مقلقًا في البلدة الصغيرة التي لا تمتلك حتى مركز شرطة خاصًا بها”.

أزمة لجوء متصاعدة

تشير بيانات وزارة العدل الأيرلندية إلى أن عدد الأشخاص المسجّلين ضمن فئة “الحماية الدولية” يبلغ حاليًا نحو 33 ألف شخص، مقارنةً بـ 7244 فقط في عام 2017، وفقًا لتقرير هيئة الإذاعة البريطانية (BBC).

ويُعد فندق سيتي ويست أكبر مركز إقامة ضمن شبكة “خدمة أماكن الإقامة للحماية الدولية (IPAS)” التي تضم 320 موقعًا في مختلف أنحاء أيرلندا وتستضيف حوالي 32,500 لاجئ وطالب لجوء.

وكانت الحكومة الأيرلندية قد استأجرت الفندق منذ عام 2022 لاستخدامه كمأوى للعائلات الأوكرانية، قبل أن توسّع استخدامه لاحقًا لاستيعاب لاجئين من دول أخرى.
وفي يوليو/تموز الماضي، اشترت الحكومة الموقع البالغ مساحته 14 فدانًا مقابل 148.2 مليون يورو، معتبرةً أن الخطوة “جزء من استراتيجية طويلة الأمد لبناء نظام إقامة مستدام”، على أن تسترد قيمة الشراء خلال أربع سنوات.

انقسام شعبي وقلق متزايد

ورغم تأكيد الحكومة أن شراء الفندق سيوفر أكثر من مليار يورو خلال 25 عامًا مقارنةً بخيار الاستئجار، إلا أن سكان ساغارت يرون أن منطقتهم أصبحت “ضحية لسياسات لجوء غير مدروسة”.

وقالت «آن كافاناه»، وهي أم لطفلين تقيم على بُعد دقائق من الفندق، إنها لم تعد تسمح لابنها بالذهاب إلى المدرسة بمفرده “بسبب الشعور بانعدام الأمان في الشوارع”، مضيفةً أن بعض المقابر المحلية “تعرضت للتخريب”، وأن السكان يشاهدون رجالًا “يتناولون الكحول والمخدرات في الأماكن العامة”.

وأكدت سيدة أخرى من المنطقة تعمل في المجال الصحي أن الخدمات المحلية “تجاوزت طاقتها”، مضيفةً: “نشعر وكأن مجتمعنا يُستخدم كقربان لاستيعاب أعداد ضخمة من اللاجئين”.

حوادث سابقة وتصاعد التوترات

تأتي هذه الأحداث بعد أيام من مقتل مراهق أوكراني يبلغ 17 عامًا في مركز إيواء بدبلن، في هجوم اتُّهم بتنفيذه طالب لجوء صومالي. كما أبلغت الشرطة عن حوادث متفرقة تتعلق باعتداءات أو تصرفات غير لائقة قرب بعض مراكز الإيواء في البلاد.

ويحذّر مراقبون من أن الاضطرابات في ساغارت قد تكون مؤشرًا على تنامي الغضب الشعبي تجاه سياسات الحكومة الخاصة بالهجرة واللجوء، في وقت تشهد فيه أيرلندا زيادة ملحوظة في أعداد الوافدين الذين يستخدمون أراضيها كنقطة عبور نحو المملكة المتحدة.