عائلات في أيرلندا الشمالية فقدت إعانة الأطفال بعد عودتها عبر مطار دبلن بسبب نظام بريطاني يخطئ باعتبارهم قد هاجروا رغم وجودهم وإقامتهم المستمرة.
| Dublin airport - Photo by Ameya Khandekar on Unsplash |
وكشف تحقيق أجرته صحيفة The Detail الأيرلندية الشمالية، بالتعاون مع The Guardian، أن 346 عائلة حتى الآن جُمّدت إعاناتها.
يعود سبب هذه الأزمة إلى نظام جديد أطلقته الحكومة البريطانية لتعقّب الأشخاص الذين يغادرون البلاد ولا يعودون بعد ثمانية أسابيع، إذ يعتبر النظام ذلك مؤشرًا على احتمال الهجرة، ما يستدعي تنبيه مصلحة الضرائب البريطانية (HMRC).
غير أن المشكلة في أيرلندا الشمالية تكمن في أن كثيرًا من العائلات تسافر عادة عبر مطار دبلن لكونه أرخص ويوفّر عددًا أكبر من الرحلات، الأمر الذي يجعل HMRC تظن أن المسافرين لم يعودوا إلى المملكة المتحدة.
وبما أنه لا توجد نقاط تفتيش أو فحص جوازات على الحدود بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا، فلا تتوافر لدى السلطات البريطانية أي بيانات تُثبت أن الركاب قد عادوا بالفعل بالسيارة أو الحافلة أو القطار.
من بين المتضررين «مارك تول»، ممرض في هيئة الخدمات الصحية البريطانية (NHS) في بلفاست، وزوجته «لويز»، اللذان سافرا مع طفليهما (17 و13 عامًا) إلى إنجلترا عام 2022 عبر مطار دبلن لقضاء عطلة قصيرة.
كانت الرحلات من دبلن أرخص، ولم تتجاوز تكلفة الحافلة إلى العاصمة الأيرلندية 10 جنيهات إسترلينية.
«لدينا معلومات تُظهر أنك غادرت المملكة المتحدة في 15 آب/أغسطس 2022 وسافرت إلى أيرلندا. لقد مضى أكثر من ثمانية أسابيع، ولا يوجد لدينا سجل بعودتك».
يقول تول: «لم أصدق ما قرأته. تحدثت معهم عبر الهاتف لمدة 45 دقيقة لمحاولة حل المشكلة. فقدت أعصابي، كنت غاضبًا جدًا، الأمر أثار غضبي بشدة».
ورغم أنه أوضح للمصلحة أنه يعيش في أيرلندا الشمالية ولم يغادرها، فوجئ بسلسلة طويلة من 70 سؤالًا، شملت طلب بطاقات الصعود للطائرة قبل ثلاث سنوات، وكشوف حساب مصرفي لثلاثة أشهر، ورسائل من مدارس أطفاله وسجلاتهم الطبية، بالإضافة إلى سؤال حول ما إذا كان والدًا بيولوجيًا أم متبنّيًا.
وأضاف تول: «أخبرتهم أنني أدفع الضرائب للحكومة البريطانية منذ ثلاثين عامًا، ولم أغيّر عنواني منذ 23 سنة، وأعمل في المكان نفسه منذ عام 2016. فهل سيتكرر هذا كل مرة أعود فيها عبر دبلن؟ هل سأحتاج إلى إرسال خطاب أطلب فيه عدم إيقاف إعانة أطفالي؟».
تقول ماريا: «حاولنا الاعتراض على تقديم كل هذه الأوراق، لكنهم قالوا إن هذا خارج صلاحياتنا، ويجب إرسال المستندات لأن القسم المعني صارم للغاية. شعرت بالإرهاق حقًا، وكأنني أعيش في كابوس بيروقراطي عبثي».
جاءت هذه الإجراءات ضمن حملة حكومية أُطلقت في آب/أغسطس بهدف «توفير 350 مليون جنيه إسترليني» من خلال تقليص ما تعتبره الحكومة مطالبات احتيالية.
لكن نوابًا من أيرلندا الشمالية انتقدوا HMRC لعدم إدراكها خصوصية المنطقة مقارنة ببريطانيا العظمى "إنكلترا،اسكتلندا،ويلز"، ولتجاهلها حقيقة غياب الحدود الفعلية مع جمهورية أيرلندا بموجب اتفاق الجمعة العظيمة لعام 1998.
وقال «ديري هيوز»، النائب عن حزب شين فين في دائرة نيوري وآرما، والذي يتولى الدفاع عن 14 عائلة تضررت من تجميد الإعانات:
«أي فهم بسيط لواقع الحياة في الشمال كان سيجعلهم يتريثون. هذا النظام ببساطة غير صالح للتطبيق».وأضاف أن هذه الإجراءات سببت «معاناة لعائلات لم ترتكب أي خطأ».
وقالت هانا: «هذه سياسة أخرى لم تُراعِ واقع الحياة في جزيرة أيرلندا. كثير من العائلات تستخدم مطار دبلن لرحلاتها، بل إنه أقرب من مطار بلفاست الدولي لكثير من سكان أيرلندا الشمالية. نحتاج إلى شفافية كاملة حول البيانات التي تعتمدها HMRC حتى لا تواجه العائلات فقدان إعاناتها أو كمًا من البيروقراطية غير المبررة».
وفي بيان رسمي، اعتذرت مصلحة الضرائب البريطانية HMRC عن الخطأ لكنها أكدت استمرارها في إجراء عمليات التحقق. وجاء في البيان:
«نأسف لأن عددًا محدودًا من العملاء في أيرلندا الشمالية تم تعليق مدفوعات إعانة الأطفال الخاصة بهم عن طريق الخطأ».
وأضافت أنها أعادت تفعيل المدفوعات وأغلقت التحقيقات لـ134 شخصًا، وأعادت المدفوعات لـ46 عائلة أخرى بينما ما تزال 166 حالة قيد المراجعة.
COMMENTS