الغارديان حصري: الخطط الخاصة بإنجلترا وويلز تهدف إلى مساعدة قطاع الضيافة المتعثر، لكن خبراء الصحة ينتقدونها بشدة.
Photo by Ted Balmer on Unsplash
في إطار مساعي حكومة حزب العمال لتحفيز النمو الاقتصادي، تعتزم السلطات البريطانية السماح للحانات والنوادي والمطاعم بتمديد ساعات عملها حتى وقت متأخر من الليل، وهي خطوة يقول منتقدوها إنها ستؤدي إلى تفاقم السُكر والعنف والفوضى في الشوارع، بحسب ماكشفت حصرياً صحيفة الغارديان البريطانية.
الخطة، التي تحظى بدعم رئيس الوزراء «كير ستارمر»، أعدّها ممثلون عن قطاعَي الكحول والضيافة وحصلت على موافقة وزارة الخزانة، وتهدف إلى تعزيز ما يُعرف بـ«السهرة البريطانية» ودعم صناعة تواجه تراجعًا حادًا منذ سنوات.
إلا أن خبراء الصحة والمجالس المحلية حذروا من أن تحرير نظام تراخيص الكحول في إنجلترا وويلز سيُقوّض صلاحيات السلطات المحلية في تحديد ساعات العمل، ويمنح صناعة المشروبات الكحولية نفوذًا مفرطًا على حساب سكان الأحياء المتضررين من الأنشطة الليلية.
وقالت الدكتورة «كاثرين سيفري»، الرئيسة التنفيذية لمعهد دراسات الكحول، إن الخطة «ستفتح الباب أمام فوضى كاملة في توفر الكحول دون قيود»، ووصفتها بأنها «ميثاق للفوضى سيؤدي إلى ارتفاع العنف المرتبط بالشرب وزيادة الاعتداءات على النساء والوفيات الناتجة عن الكحول».
في المقابل، رأت «كيت نيكولز»، الرئيسة التنفيذية لمنظمة UK Hospitality، أن «نظام تراخيص جديد ومطوّر يتناسب مع متطلبات القرن الحادي والعشرين سيشكّل دفعة قوية لقطاع الحانات والمطاعم والفنادق في بريطانيا».
أما «نيك ماكنزي»، الرئيس التنفيذي لمجموعة Greene King، فاعتبر أن اللوائح الحالية «تمثل مثالًا واضحًا على كيف يمكن للتشريعات المقيدة أن تُعرقل النمو الاقتصادي وتحدّ من قدرة المنشآت على التكيف مع احتياجات الزبائن والظروف المتغيرة».
لكن سلطات محلية ومفوضين للشرطة والجريمة حذروا من أن فتح الأماكن حتى ساعات متأخرة سيؤدي إلى مزيد من الضوضاء والمضايقات والسلوكيات المعادية للمجتمع، مما سيؤثر سلبًا على حياة السكان القريبين من الحانات والنوادي.
وقال الدكتور «ريتشارد بايبر»، الرئيس التنفيذي لجمعية Alcohol Change UK:
«هذه الإصلاحات المقترحة، التي تم تطويرها دون مشاركة كافية من الشرطة أو خدمات الإسعاف أو السلطات الصحية والمجالس المحلية، ليست سوى ميثاق للفوضى».
وأضاف:
«الناس في كل أنحاء البلاد يريدون شوارع أكثر أمانًا وسلوكًا عامًا أكثر انضباطًا، لكن هذه المقترحات – التي تمثل عمليًا قائمة أمنيات لصناعة الكحول – ستؤدي إلى العكس تمامًا».
ويخشى المنتقدون من أن السماح لمحطات الوقود والمتاجر الصغيرة والسوبرماركت ببيع الكحول حتى ساعات متأخرة من الليل أو الصباح الباكر سيزيد من معدلات الجريمة، والعنف المنزلي، والحوادث المرتبطة بتعاطي الكحول، ما سيضاعف الضغط على الشرطة وخدمات الإسعاف وأقسام الطوارئ.
تركز الخطة على تعديل قانون التراخيص لعام 2003، الذي يمنح المجالس المحلية حق إصدار التراخيص لـنحو 224 ألف حانة ونادٍ ومطعم وسوبرماركت لبيع الكحول ضمن ساعات محددة.
وتستند القرارات إلى أربعة أهداف رئيسية: منع الجريمة والفوضى، وحماية السلامة العامة، ومنع الإزعاج، وحماية الأطفال من الأذى.
لكن فريق العمل الذي أعد الخطة يقترح إضافة هدف خامس جديد هو “تعزيز النمو الاقتصادي”، بحيث يتعين على المجالس أخذه في الاعتبار عند البت في طلبات فتح منشآت جديدة أو تمديد ساعات العمل. هذه الخطوة أثارت اتهامات بأن الحكومة باتت «قريبة أكثر من اللازم» من لوبي صناعة الكحول.
وقال البروفيسور السير «إيان جيلمور»، رئيس تحالف صحة الكحول:
«إضافة هدف اقتصادي إلى نظام التراخيص أمر عبثي ويقوّض الغاية الأساسية منه. الترخيص وُضع لحماية الناس لا لتعظيم أرباح الشركات. والمضي بهذه الخطوة في وقت تسجل فيه وفيات الكحول أرقامًا قياسية يثير تساؤلات خطيرة حول الجهة التي تعمل الحكومة لصالحها».
ويضم فريق العمل المشرف على الإصلاح ممثلين عن UK Hospitality ورابطة صناعات الحياة الليلية وصناعة الموسيقى الحية، إلى جانب ممثلين عن مجلس قادة الشرطة الوطنية وهيئة سلطة لندن الكبرى.
كما مُنح عمدة لندن «صادق خان» صلاحيات جديدة تتيح له تجاوز قرارات المجالس المحلية في العاصمة إذا رأى أن ذلك سيدعم الاقتصاد الليلي للمدينة ويجذب السياح.
وعندما طرحت الحكومة المقترحات لأول مرة في وقت سابق من العام الجاري، قالت إنها «تعلن نهاية البيروقراطية التي تخنق الحانات والمطاعم والنوادي، في دفعة كبيرة لليلة البريطانية».
لكن الدكتورة سيفري حذرت من أن هذه السياسات قد تأتي بنتائج عكسية، لأن المتاجر والسوبرماركت التي تبيع بالفعل 75% من الكحول في بريطانيا ستستغل سهولة تمديد الساعات لزيادة مبيعاتها صباحًا ومساءً.
وأضافت أن «استخدام نظام التراخيص لتخفيف القيود على بيع الكحول باسم النمو الاقتصادي تصرف مضلل وغير مسؤول»، مشيرة إلى أن استطلاعات الرأي تُظهر أن معظم البريطانيين، بمن فيهم ناخبو حزب Reform UK، يدعمون سياسات حكومية تحمي الصحة العامة وتقلل الأمراض القابلة للوقاية وتخفف الضغط على هيئة الخدمات الصحية NHS.
كما ستقيد الخطة سلطات المجالس المحلية في التحكم بساعات عمل الحانات من خلال إنشاء «إطار وطني لسياسات التراخيص» يعزز دور الموظفين غير المنتخبين على حساب الممثلين المنتخبين.
وقال «جيمس نيكولز»، الباحث في سياسات الكحول بجامعة ستيرلنغ:
«هذه الإصلاحات ستقوض سلطة المجالس المحلية، مانحة نفوذًا حاسمًا لهيئات غير منتخبة وغير خاضعة للمساءلة».
وأضاف أن الخطة «ستجعل من الصعب على السكان الاعتراض على طلبات فتح حانات جديدة أو تمديد ساعات عملها».
وقالت البروفيسورة «نيف فيتزجيرالد»، زميلته في الجامعة:
«هذه المقترحات تتعارض تمامًا مع أي هدف لجعل الشوارع أكثر أمانًا أو تقليل العنف ضد النساء، إذ تشير بيانات وزارة الداخلية إلى أن الكحول عامل في نصف جرائم القتل بين الأزواج أو الشركاء».
وفي تعليق رسمي، قال متحدث باسم الحكومة البريطانية:
«نسعى إلى إعادة التوازن في نظام التراخيص بطريقة تضمن حماية المجتمعات المحلية، مع منح قطاع الأعمال المرونة التي يحتاجها للاستثمار ومواكبة التغيرات في سلوك المستهلكين».
COMMENTS