يُظهر التحقيق المؤلف من جزأين مدى تعقيد وانتشار شبكات الجريمة المنظمة التي تربح من العمالة غير الموثقة في الشوارع التجارية البريطانية.
كشفت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) عبر تصوير سرّي عن رجلٍ يشغل موقعًا محوريًا في شبكة جريمة منظّمة، ظهر في تسجيل مصوّر وهو يعرض على صحفيين متخفّين المساعدة في إسقاط غرامات تصل إلى 60 ألف جنيه إسترليني تُفرض على من يوظّفون عمالًا غير شرعيين.
الرجل، الذي يصف نفسه بأنه “مُحاسب”، هو واحد من مجموعة من الرجال الأكراد الذين فضحتهم BBC في تحقيق سابق، يقومون بتمكين المهاجرين من العمل بشكل غير قانوني في متاجر صغيرة من خلال تسجيل تلك المتاجر بأسمائهم.
أكدت إدارة الرقابة التجارية (Trading Standards) أنها ضبطت سجائر غير قانونية تُباع في عدد من المتاجر المسجلة باسمه، كما اشترى فريق BBC تبغًا مقلّدًا من أربعة متاجر كان مسجّلًا كمدير لها.
يُظهر التحقيق المؤلف من جزأين مدى تعقيد وانتشار شبكات الجريمة المنظمة التي تربح من العمالة غير الموثقة في الشوارع التجارية البريطانية، في ظلّ ضعف الرقابة على سوق العمل، وهو ما اعترفت الحكومة بأنه يشكّل عامل جذب للمهاجرين غير الشرعيين.
ما كشفه شاخوان للصحفيين المتخفّين
قال شاخوان إن بإمكانه:
-
إنشاء شركة وتزويد طالبي اللجوء ببطاقات مصرفية وجهاز دفع إلكتروني لقبول المدفوعات من الزبائن.
-
“إرباك” فرق تنفيذ قوانين الهجرة، لأنها “لن تمتلك الوقت للتحقق من التفاصيل”.
-
دفع مبالغ لأشخاص لتسجيل المتاجر بأسمائهم ليكونوا “مديرين وهميين”، بينما يدير المهاجرون العمل فعليًا.
-
توظيف أشخاص آخرين بأسماء “أشباح” تُستخدم لتحميلهم الغرامات بدلًا من أصحاب العمل الحقيقيين.
-
الاستعانة بـ“امرأة إنجليزية” داخل الشبكة تتكفّل بخفض الغرامات إلى “صفر” والتعامل مع قضايا أخرى مثل الكهرباء والغاز والتحصيل القضائي.
كما عرض مساعد قانوني، بحضور شاخوان، “إعداد وثائق” و“اتفاقيات تجارية” مزيفة لتجنّب الغرامات.
«سأتأكد أنك لن تواجه أي مشاكل»
ثم وعده قائلًا: “سأؤسس شركتك، أجهز لك الجهاز البنكي، أرتب الكهرباء وأتحدث مع المالك... لن تواجه أي مشكلة.”
لقاء في مكتب محاماة
اتصل سامان لاحقًا بشاخوان طالبًا لقاءً جديدًا، فحدد له موعدًا في مكتب RKS Solicitors في هدرسفيلد، وهو مكتب مسجّل لدى جمعية المحامين (Law Society) وله فروع في ديوزبري وشيفيلد.
وأكد المكتب لاحقًا لـBBC أنه لا علاقة له بأي مخالفات أو قضايا تتعلق بالهجرة أو الغرامات.
“الغرامة تصبح صفرًا”
وعندما علم أن المتجر مسجّل باسم شخص آخر، قال حسين: “ذكي جدًا، فكرة ممتازة.”
وطلب في النهاية 3500 جنيه نظير “متابعة القضية”، مشيرًا بإيماءة إلى أن السلطات تتحرك بسرعة لتحصيل الغرامات، وطلب أن تُرسل أي خطابات رسمية مستقبلية إلى شاخوان.
ردود الفعل والتحقيق الرسمي
عرضت BBC التسجيلات على المحامية المختصة في شؤون الهجرة بريوني ريست (Bryony Rest)، التي قالت إن حسين “يقدّم عرضًا واضحًا لتزوير الوثائق”، مضيفة أن ما جرى يتضمن “احتيالًا ومخالفات في قوانين الهجرة” تستدعي التحقيق الجنائي.
وعندما تواصلت BBC مع حسين، أنكر “كل الادعاءات والإيحاءات”، وقال إن “شاخوان جواد” لا علاقة له به مهنيًا أو شخصيًا.
أما مكتب RKS Solicitors، فأعلن عن تعليق الموظف المعني وإطلاق تحقيق داخلي، مؤكدًا أنه أبلغ هيئة تنظيم المحامين (SRA)، ومضيفًا أن حسين يعمل كمساعد قانوني “تحت إشراف صارم”، وليس مخوّلًا بتقديم استشارات متعلقة بالهجرة أو الضرائب.
في المقابل، نفى شاخوان – المعروف أيضًا باسم كردوس متين – في رسالة إلكترونية كل ما ورد في التحقيق، مؤكدًا أنه “غير موظف أو مرتبط أو يعمل باسم المكتب بأي شكل من الأشكال”.
وقالت وزيرة الداخلية البريطانية شابانا محمود (Shabana Mahmood) إن وزارة الداخلية ستفتح تحقيقًا في نتائج BBC، مضيفة:
“العمل غير القانوني والجريمة المنظمة المرتبطة به يشكّلان دافعًا للهجرة غير الشرعية، ولن نتسامح مع ذلك.”
COMMENTS